الجنائز جمع جنازة بفتح الجيم هو الميت، وهو المراد هنا، وبكسرها ما يوضع عليه الميت من الخشب ونحوه، والصلاة على الجنازة من فروض الكفاية، ومثلها في الحكم غسل الميت وتكفينه ودفنه، فهذه كلها واجبة على المسلمين إزاء موتاهم وجوب الكفاية، وإنما عطف المؤلف الدعاء للميت على الصلاة عليه مع أنه داخل فيها ليشعر بأن صلاة الجنازة إنما شرعت لأجل الدعاء للميت، والاستشفاع له عند الله تعالى، فإنها من مكفرات ذنوبه، فأوجب الله على المؤمن أن ينفع بها أخاه المسلم بالدعاء، لا مطلقا، بل مع صلاة ذات إحرام وتسليم، وهي من جنس الصلاة التي هي أعظم عبادة بعد التوحيد.
وقد ورد الحض على الاستكثار من عدد المصلين على الميت، وكونهم من أهل الصلاح في أحاديث منها قول النبي ﷺ:«ما من مسلم تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له؛ إلا شفعوا فيه»، رواه مسلم (٩٤٧)، والترمذي عن عائشة -رضي الله تعالى عنها-، وروى مسلم (٩٤٨) عن ابن عباس مرفوعا - وفيه قصة -: «ما من رجل مسلم يموت، فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه»، وقد قال النبي ﷺ:«إذا صليتم على الميت؛ فأخلصوا له الدعاء»، رواه أبو داود (٣١٩٩) عن أبي هريرة، وقوله «أخلصوا له الدعاء» يحتمل أن معناه خصوه به، ويقويه أن الدعاء في صلاة الجنازة خاص بالميت في معظم صيغه المأثورة، بخلاف الأدعية في غير صلاة الجنازة، ويحتمل أن المقصود ادعوا للميت مخلصين لله تعالى في دعائكم لأن ذلك أقرب إلى قبوله وانتفاع الميت به، ولا مانع من إرادة الأمرين معا.
وروى مسلم عن عقبة بن عامر ﵁ قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله ﷺ ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم