٠٤ - «ولا يجوز فضة بفضة، ولا ذهب بذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد، والفضة بالذهب ربا إلا يدا بيد».
بين هنا أن العين وإن بيعت بجنسها على التساوي فإنه إذا أخر قبضها دخلها ربا النسيئة، ومثل ذلك ما إذا بيعت بغير جنسها فإنه يجوز في البيع عدم التساوي، لكن يمتنع التأخير، فإن أخر القبض كان ذلك ربا، يدل عليه ما في حديث عبادة المتقدم وهو قول النبي ﷺ:«فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد»، ويدل اشتراط التقابض في النقدين وفي الأجناس الأربعة الأخرى المتفق عليها أن الأصل في البيع قبض العوضين من المتبايعين، فإن اختلف المتبايعان في التأجيل وعدمه روعي هذا الأصل، ولذلك كانا مطالبين في حال التأخير بالكتابة كما في آية الدين التي هي أطول آي القرآن، وإنما اغتفر ترك الكتابة في حال التجارة المدارة، وهي التي يتم فيها التقابض من الطرفين.
وقد اختلف أهل العلم في حد التقابض في الأجناس الستة وما قيس عليها هل يكفي أن يكون في المجلس، أو لا بد من التقابض حال العقد، والمذهب هو الأخير، دل عليه قول النبي ﷺ في حديث أبي سعيد:«ولا تبيعوا غائبا بناجز»، والناجز الحاضر، والغائب عند الجمهور ما ليس في مجلس العقد، والمذهب هو ما لم يقبض بالفعل، ولو كان في مجلس العقد، ويقويه حديث عمر وفيه قصة أن النبي ﷺ قال:«الذهب بالوَرِق ربا إلا هاء وهاء، والبُرُّ بالبُرِّ ربا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء، والشعير ربا إلا هاء وهاء»، رواه مالك (١٣٢٧)، ومعنى هاء وهاء بالمد وفتح الهمزة والقصر أصلها هاك، أي خذ وهات، ومثله يدا بيد، أي أن البيع يكون على هذه الصورة التي هي التقابض، بحيث يعطي هذا ويأخذ هذا من غير تأخير.
فإن قيل: إن قوله ﷺ: «ولا تبيعوا غائبا بناجز» يدل على خلاف ذلك، فالجواب: أن