٤٠ - «وضمان الرهن من المرتهن فيما يغاب عليه ولا يضمن ما لا يغاب عليه».
المرهون إما أن يكون عند المرتَهِن أو عند أمين، فإن كان عند أمين فضمانه من الراهن، وإن كان عند المرتهن فضمانه منه، ويترادان ما نقص أو زاد متى كان مما يغاب عليه، أي يخفى هلاكه كالحلي والثياب قالوا وكالسفينة في حال سيرها، لأن عدم تضمينه يؤدي إلى ضياع أموال الناس، ولأنه كان يمكنه أن يتفصى من الضمان بجعله عند أمين، وإن كان مما لا يغاب عليه فضمانه من الراهن على المشهور إلا أن تقوم بينة على تعدي المرتهن فيضمنه.
وقد استدل لضمان الرهن من الراهن بقول النبي ﷺ:«لا يغلَقُ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه»، رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة، وهو في الموطإ أول الباب مرسلا وهو المحفوط عن سعيد بن المسيب بلفظ:«لا يغلَقُ الرهن»، فقيل هو نهي، فتكون القاف ساكنة تحرك بالكسر للالتقاء الساكنين، وقيل هو نفي فيكون الفعل مرفوعا، والمدار على الرواية، وغلق يغلق كفرح، قال ابن الأثير:«يقال غلق الرهن يغلق غلوقا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر الراهن على تخليصه، والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يفتكه صاحبه، وكان هذا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن فأبطله الإسلام»، انتهى، فالمنهي عنه هو امتلاك الرهن بمجرد حلول الوقت، وقال الخطابي في معالم السنن (٣/ ١٦٢): «معناه أنه لا يستغلق ولا ينعقد حتى لا يفك، والغلق الفكاك، وحقيقته أن الرهن وثيقة في يد المرتهن يترك في يده إلى غاية يكون مرجعها إلى الراهن، وليس كالبيع يستغلق فيملك حتى لا يفك»، انتهى.
قلت: كيف يكون مرجع الغاية إلى الراهن، والحال أن الرهن وثيقة يستخلص منها