٠١ - «ولا بأس بالاسترقاء من العين وغيرها والتعوذ والتعالج وشرب الدواء والفصد والكي».
الاسترقاء هو طلب الرقية، ولعل المؤلف أراد به ما هو أعم من طلبها وفعلها، والعين معناها أن يصاب المرء بعين، من عانه يعينه إذا نظر إليه مستحسنا متعجبا أو حاسدا مستكثرا فأصابه بذلك شيء، وفاعل ذلك عائن، فإن كثرت إصابته فهو معيان وعيون، والمصاب معيون وقياسه معين، والتعوذ التحصن والاحتماء، والمراد هنا التعوذ بالقول، ولا يكون إلا بالله تعالى، والتعالج التداوي، وهو أعم من شرب الدواء، والفصد شق العرق لإخراج الدم الذي يؤذي الجسد، ويكون لأعماق البدن، بخلاف الحجامة فإنها لتنقية سطح البدن، والكي حرق بعض الجسد بشيء مُحمى كالحديد وغيره.
وترك الاسترقاء أولى لقول النبي ﷺ:«يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون»، رواه البخاري عن ابن عباس، ومسلم عن أبي هريرة وعمران بن حصين ﵃، وجاء في بعض الروايات «ولا يرقون»، وأنكرها الإمام ابن تيمية ﵀، محتجا برقية جبريل للنبي ﷺ، وبرقية النبي ﷺ لغيره، واعتبرها الألباني شاذة، وأجاب عن ذلك الحافظ في الفتح بما تراه فيه، وسأشير إليه بعد.
وقوله ﷺ:«وعلى ربهم يتوكلون»، هذه الصفة هي المرادة من وراء ترك ما سبقها من الأمور الثلاثة، لأن في ذلك الترك حسما لما يؤدي إلى الخدش فيها، ولا ريب أن حصول التنافي في الاسترقاء أكثر منه فيما لو رقى المرء غيره دون طلب، وقد صح رقية جبريل ﵇ للنبي ﷺ، إذ روى أحمد ومسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:«كان رسول الله ﷺ إذا اشتكى رقاه جبريل قال: «بسم الله يُبريك، من داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين»، ويبريك رباعي من أبرأه سهلت همزته فصارت ياء، وسيأتي ذكر رقية