للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٢ - «وأحب إلينا أن لا يقاتل العدو حتى يدعوا إلى دين الله، إلا أن يعاجلونا».

ذهب مالك إلى استحباب دعوة الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، بلغتهم الدعوة أو لم تبلغهم، ذكره ابن عبد البر في الكافي، فلعله هو الذي عناه المؤلف، وفي المسألة أقوال منها الوجوب مطلقا، وهو ظاهر قول الإمام في المدونة في أول كتاب الجهاد قال: «لا أرى أن يقاتل المشركون حتى يدعوا»، ومنها التفريق بين من بعدت داره؛ فتجب دعوته، ومن قربت فلا تجب لعلمه بالإسلام، وهو في المدونة، ومنها وجوب الدعوة إذا كان الجيش كثيرا وإلا فلا، ومهما يكن فوجوب الدعوة إلى الإسلام هو الأصل، وهو مشهور المذهب كما في مختصر خليل، لأمر النبي بذلك، وقد صح عن ابن عمر أنه أغار على بني المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلهم، وسبى ذراريهم»، متفق عليه، وغزوة بني المصطلق كانت سنة خمس، وقد كانوا على علم بالإسلام بلا شك، ولقربهم من المدينة، ومع علمهم بالإسلام فثمة ما يدل على أن الإغارة عليهم جاءت بعد أن بلغ النبي تهيأهم لمقاتلة المسلمين، وقد ضلّ في هذا الحديث رَجُلان: رَجُل ردّه لأنه مخالف للحق حسب زعمه، ومن تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، ورَجُل اعتبره حجّة في قتال الكفار من غير دعوة، وقد أمر النبي عليا أن يدعو أهل خيبر إلى الإسلام قبل قتالهم مع قربهم وبلوغ الدعوة إليهم، فقال له: «انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم»، وهو في صحيح البخاري (٣٠٠٦) عن سهل بن سعد، وهذا مع أنهم كانوا محاصرين، ودلالته بينة على أن الغرض من الجهاد دخول الناس في الحق والسلم، وبالنظر إلى الحال قد ينتظر أن يؤمر علي بقتلهم، وقد يقال إن تقديم الدعوة على

<<  <  ج: ص:  >  >>