ومنع الوصية للوارث من هدي الإسلام في تكثير المستفيدين من المال، فينبغي أن تخرج الوصية عن دائرة الورثة الذين لهم حق معلوم أو تعصيب، وكما حرص الشرع على توسيع نطاق المستفيدين من المال حصر الوصايا في الثلث حتى لا يتضرر الورثة كما سيأتي، وكلام المؤلف لفظ حديث رواه عن النبي ﷺ جَمْعٌ من الصحابة، وقد مال الشافعي إلى أنه متواتر، وممن أثروه أبو أمامة الباهلي ﵁ وهو عند أحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجة، أن رسول الله ﷺ خطب فقال:«إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث».
وقال مالك:«السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أنه لا تجوز وصية لوارث،،،»، انتهى.
وقد قالوا إن هذا الحديث ناسخ للأمر بالوصية للوالدين والأقربين في قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)﴾ [البقرة: ١٨٠]، ويمكن أن يقال إن الحديث مخصص للآية، فتبقى الوصية لغير الوارثين من الوالدين والأقربين، والعلم عند الله، فإن حصلت الوصية لوارث فالأمر إلى الورثة بشرط أن يكونوا بالغين راشدين لا دَيْن عليهم، فإن أجازها جميعهم مضت، وإن أجازها بعضهم دون بعض مضى نصيب المجيز، والظاهر أن ذلك استئناف تبرع منهم للنهي عن الوصية للوارث، فإن النهي يدل على البطلان، وقيل هو إمضاء لها، والمذهب أنها ليست بصحيحة فإجازة الورثة لها ولما زاد على الثلث كلاهما يعتبر ابتداء عطية وهو الذي رجحه زروق ووافقه عليه علي الصعيدي وهو القياس لما تقدم.