للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٦ - «فإذا فرغ استقبل القبلة، فحول رداءه: يجعل ما على منكبه الأيمن على الأيسر، وما على الأيسر على الأيمن، ولا يقلب ذلك، وليفعل الناس مثله وهو قائم وهم قعود، ثم يدعو كذلك، ثم ينصرف وينصرفون».

يريد أنه إذا فرغ من الخطبة الثانية التي فيها الموعظة، وأراد أن يشرع في الدعاء؛ فإنه يستقبل القبلة، ويحول رداءه، ويدل عليه ما في حديث عبد الله بن زيد عند الشيخين وهذا لفظ أبي داود (١١٦٦) أن رسول الله خرج إلى المصلى فاستسقى، وأنه لما أراد أن يدعو استقبل القبلة، ثم حول رداءه»، وقيل يحوله في نهاية الخطبة الثانية.

وصفة التحويل أن يجعل ما على اليمين من ردائه على اليسار، وما على اليسار منه على اليمين، ويفعل الناس مثل فعله، لكن هذه الصفة إنما تتأتى في الأردية لا في القمصان والجباب ونحوها مما يعسر فعل ذلك به إلا بتكلف، وقد وردت هذه الصفة في أحاديث عدة بألفاظ مختلفة، ومعناها واحد: ففي حديث أبي هريرة عند أحمد وابن ماجة: «جعل الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر»، وهذا موافق للفظ المؤلف، وفي رواية لحديث عبد الله بن زيد عند أحمد: «وحول رداءه، فقلبه ظهرا لبطن، وتحول الناس معه»، وهذا فيه رد على من قال لا يحول المأمومون أرديتهم، وفي رواية أبي داود لهذا الحديث: «وجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر، وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن»، والعطاف هو جانب الرداء.

وقول المؤلف: «ولا يقلب ذلك»؛ يعني به لا يجعل أسفله أعلاه وأعلاه أسفله، وإلا فالصفة التي ذكرها هي قلب أيضا، لكن بجعل الباطن ظاهرا، والظاهر باطنا وهو لازم لما تقدم، وهو بذلك يرد على من قال بالقلب من أهل المذهب، وقد عزاه زروق لعياض، وقال به ابن الجلاب، ودليله ما رواه أبو داود (١١٦٤) من حديث عبد الله بن زيد قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>