الثاني: قوله: اللهم إنه عبدك وابن عبدك إلى آخره، هذا جاء من دعاء أبي هريرة في أثره السابق، ونصه:«اللهم إنه عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيآته، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده»، وقوله في بدايته:«اللهم إنه عبدك إلى قوله وأنت أعلم به»؛ وسيلة للدعاء له، كما في قوله ﷺ:«اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك،،، قدمه وسيلة بين يدي دعاء الحاجة، أعني الثناء على الله تعالى وتمجيده قبل سؤاله سبحانه، وهو الذي علمنا ربنا إياه في فاتحة الكتاب.
الثالث: قوله: اللهم اغفر له وارحمه، واعف عنه وعافه،،، هذا من أصح ما جاء في الدعاء، وقد رواه مسلم عن عوف بن مالك قال: «صلى رسول الله ﷺ على جنازة فحفظت من دعائه: «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وأدخله الجنة، وقه فتنة القبر وعذاب النار».
الرابع: قوله: «اللهم اغفر لحينا وميتنا،،، هذا جاء فيما رواه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة عن أبي هريرة ﵁ قال كان رسول الله ﷺ إذا صلى على جنازة يقول: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحيته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده»، وقوله «صغيرنا»؛ يحتمل الصغير الذي لم يبلغ الحلم، وهو الظاهر، فيكون الدعاء له لما يستقبل مما عسى أن يقع منه، ولا مانع من ذلك فقد جاء في أحاديث عدة وعد الله تعالى بمغفرة ما تأخر من ذنب العبد إذا عمل من الصالحات ما رتبت عليه المغفرة، ويحتمل الصغر بالنسبة إلى من هو أكبر سنا منه، أي صغار المكلفين وكبارهم، لاستغراق الأمة كلها بالدعاء، ولاستكمال المتقابلات المذكورة، وبهذا يظهر لك أن من استشكل الدعاء بمغفرة ذنوب غير المكلفين لم يصب، وقد حمل خفاء المعنى العلامة الكحلاني على القول بأن المراد بالمغفرة للصغير طلب التثبيت له عند التكليف على الأعمال الصالحة لكونه لا