النبي ﷺ؛ فليبدأ بالركوع قبل السلام على النبي ﷺ، وكل ذلك واسع»، وقد استحسن ابن القاسم وهو راوي هذا الخبر عنه البدء بالصلاة، والذي يظهر أن من دخل من باب يمر فيه على قبر النبي ﷺ وصاحبيه قبل أن يجلس؛ فالسلام عليه وعلى صاحبيه مقدم. فإن الصواب: أن من دخل المسجد يسلم أولا على الناس، ثم يصلي، لقول الله تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [النور: ٦١]، وهذا في السلام العام، والتسليم عليه ﷺ من جملته على أقل تقدير، أما من دخل من باب آخر بحيث يتكلف الوصول إلى قبره ﷺ فهذا يصلي أولا، ولعل حمل توسعة الإمام مالك في هذا الأمر على هذا التفصيل هو الصواب إذا كانت أبواب المسجد في وقته متعددة، وقد روى أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا:«ما من أحد يسلّم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أردّ عليه السلام».
وفي المذهب جواز ترك تحية المسجد للمار، وقد احتج مالك في المدونة (صلاة النافلة) بفعل زيد بن ثابت، وسالم بن عبد الله بن عمر، قال:«كانا يخرقان المسجد لحاجتهما ولا يركعان»، لكنه نقل عن زيد بن ثابت كراهة ترك التحية للمار، ولو قيل إن المسجد لا ينبغي أن يتخذ ممرا إلا من حاجة؛ لكان متجها إن شاء الله، وقد روى الطبراني عن ابن عمر قول النبي ﷺ:«لا تتخذوا المساجد طرقا إلا لذكر أو صلاة»، قال الهبثمي رجاله موثقون»، وهو في صحيح الجامع للألباني وجاء أنه من أشراط الساعة، وفي سنن ابن ماجة (٧٤٨) عن ابن عمر النهي عن ذلك في جملة أمور، لكن فيه زيد بن جبيرة وهو ضعيف، والأَولى الصلاة ولو للمار، لظاهر قول رسول الله ﷺ:«إذا جاء أحدكم المسجد فليصل سجدتين من قبل أن يجلس، ثم ليقعد بعد إن شاء، أو ليذهب لحاجته»، رواه أبو داود عن ابي قتادة، وهو في الصحيحين كما تقدم من غير زيادة «ثم ليقعد بعد إن شاء،،،»، وفيها دليل على ما ذهبت إليه.
واعلم أن غير الركعتين يقوم مقامهما في سقوط الطلب كما إذا صلى الداخل فرضا كان عليه، لأن المقصود شغل البقعة وقد حصل بالصلاة، قال أبو الحسن:«المقصود افتتاح دخول المسجد بصلاة سنة كانت أو فرضا، للفرق بين المساجد والبيوت».