٢٩ - «وأما المغرب؛ فيجهر بالقراءة في الركعتين الأوليين منها، ويقرأ في كل ركعة منهما بأم القرآن وسورة من السور القصار، وفي الثالثة بأم القرآن فقط، ويتشهد ويسلم».
قد علمت أن مشهور المذهب كون وقت المغرب يقدر بأدائها بعد تحصيل شروطها، وقد يكون القول بالقراءة فيها بقصار المفصل مبنيا على هذا، وإلا فإن مالكا ﵀ قد روى في الموطإ ما يدل على خلاف ذلك، فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قرأ فيها بسورة المرسلات، رواه مالك (١٦٩) والشيخان، وأبو داود (٨١٠) عن أم الفضل، وفي الموطإ (١٦٨) وصحيح البخاري عن جبير بن مطعم أنه قال: «سمعت رسول الله ﷺ يقرأ بالطور في المغرب».
وفي سنن أبي داود (٨١٢) عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم قال: «قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله ﷺ يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟، قلت: «ما طولى الطوليين»؟، قال:«الأعراف والأخرى الأنعام»، قال:«وسألت ابن أبي مليكة، فقال لي من قبل نفسه: المائدة، والأعراف»، وهو في صحيح البخاري مختصرا»، وقوله:«طولى»؛ مؤنث أطول، و «الطوليين»؛ مثنى الطولى، ويظهر في الحديث أن القراءة بقصار المفصل في المغرب كانت شائعة في المدينة.
ويدل على ذلك أيضا حديث أبي هريرة قال: «ما رأيت رجلا أشبه صلاة برسول الله ﷺ من فلان، لإمام كان بالمدينة،،، الحديث، رواه النسائي، وقد تقدم، فلعل معتمد القول بالقراءة بقصار المفصل هو كونه كان شائعا في المدينة، وقد روى أبو داود (٨١٣) عن هشام بن عروة أن أباه كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو ما تقرؤون (والعاديات) ونحوها من السور، قال أبو داود:«هذا يدل على أن ذاك منسوخ»، يقصد باسم الإشارة ما رواه عروة