١٣ - «قال فإذا دخل مكة؛ فليدخل المسجد الحرام، ومستحسن أن يدخل من باب بني شيبة».
ينبغي لداخل مكة لأجل الحج أو العمرة؛ أن يكون أول ما يفعله المبادرة إلى الطواف بالبيت، ولا يصح أن يشتغل بغير ذلك من الأمور إلا ما لا بد له منه من حط رحله، وترتيب أمر إقامته، والأكل إن كان في حاجة إليه، وينصح باصطحابه عنوان منزله، وقد اعتبر أهل العلم عدم المبادرة إلى الطواف من إساءة الأدب، وقلة الهمة، قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «أن أول شيء بدأ به النبي ﷺ حين قدم مكة؛ أنه توضأ ثم طاف بالبيت»، رواه الشيخان، وقد استدل بهذا لمذهب الجمهوروهو لزوم الطهارة للطواف لأن النبي ﷺ قال:«لتأخذوا عني مناسككم»، وهذا منها، وليس بلازم لأنه فعل الواجب والشرط والمندوب، فلا يتجه الاستدلال.
ومن تيسر له؛ فليدخل من باب بني شيبة، ويسمى باب بني عبد مناف، وهو المعروف اليوم بباب السلام، وقد سميت الأبواب بأسماء المسالك التي تربط بين مساكن القبائل التي كانت تسكن حول الكعبة وبينها، ولم يكن للمسجد الحرام جدار يحفظه، فإن أول من عرف أنه بنى حوله جدارا إنما هو عمر بن الخطاب ﵁ سنة سبع عشرة من الهجرة، كما ذكر ذلك الشيخ الطاهر بن عاشور في تفسيره (١٥/ ١٣)، وقد روي أن النبي ﷺ دخل من باب بني شيبة، وهو موافق للجهة التي دخل منها مكة، وإنما كان الدخول من هذا الباب مطلوبا بعد ما تقدم من موافقة جهة دخول مكة؛ لأنه كان قريبا من الركن الذي فيه الحجر الأسود من حيث يبتدأ الطواف، ولقصر المسافة بينهما، ومن فوائد ذلك اليوم أن الداخل لا يحتاج إلى الدوران لأجل ابتداء طوافه، مع ما في ذلك من المشقة، ولا سيما في أوقات الزحام، وكان هذا الباب في العهود الماضية قريبا من المطاف، فلما أدخل