ومن السنة أن يكبر مع كل حصاة من الحصيات السبع، وحجمها مثل حصى الخذف، والخذف هو الرمي، أي أنها بمقدار ما يرمى بإصبعين، كانوا يرمون بها على وجه اللعب، تجعل بين السبابة والإبهام من اليسرى، وتقذف بسبابة اليمنى، فحولها الشرع إلى عبادة!!، وحجمها فوق حبة الحمص ودون حبة الفول، وقال في الموطإ (٩٢٤)، إنه سمع بعض أهل العلم يقول:«الحصى التي يرمى بها الجمار مثل حصى الخذف»، قال مالك:«وأكبر من ذلك قليلا أعجب إلي»، وقوله هذا يحمل على أنه لم يبلغه ما في حديث جابر أنه ﷺ سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر،،،»، لأنه لو بلغه ذلك؛ ما نسب القول به إلى أهل العلم، ولا استحب ما هو أكبر قليلا من حصى الخذف، والعلم عند الله.
ولا بد في الرمي من العدد وهو سبع حصيات، وتكون من الحجر ونحوه لا من الطين والمعادن كالحديد، وأن تكون مثل حصى الخذف، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس أن النبي ﷺ أمره أن يلتقط له حصى الجمار فالتقط له سبع حصيات من حصى الخذف، فجعل ينفضهن في كفه، وقال:«بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، رواه النسائي وابن ماجة (٣٠٢٩).
واعلم أن الحصيات التي ترمى بها الجمرات لم يرد في موضع التقاطها شيء، فيجوز أن تلتقط من أي مكان، والأصل أن تلتقط من منى، لأن في خلاف ذلك تكلفا ومشقة، وفي المذهب الأفضل التقاط حصى جمرة العقبة من مزدلفة والأوْلى تركه، وينبغي أن تكون طاهرة، في الحجم المتقدم، وقد رأيت بعضهم يغالون في الأمر، فيلتقطون عدد الجمار التي يرمى بها في الأيام كلها من المزدلفة، ولا يخفى ما فيه من التشدد والتلكف والحرج.
وإذا رمى الحاج جمرة العقبة تحلل التحلل الأصغر، فيباح له ما كان محظورا عليه ما عدا النساء والصيد، ويكره له التطيب على المذهب، والظاهر عدم كراهته لقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها-: «كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه قبل أن يحرم، ولإحلاله قبل