وأثبت هنا بعض ما كتبته في مقدمة الطبعة الثالثة لرسالتي التي موضوعها القراءة جماعة لكون قراءة القرآن قد اعتني بها في هذه الأعوام عناية كبيرة فنحمد الله على ما هدى ووفق، لكن صحبها ما لا ينبغي السكوت عنه كما ستراه، فلعل فيما كتبته ما يجنب مريد الخير ما لا ينبغي له الوقوع فيه.
إن قراءة القرآن من خير ما يتقرب به العبد إلى ربه، أمر الله بذلك نبيه في قوله: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ (٤٥)﴾ [العنكبوت: ٤٥]، وقال تعالى ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧)﴾ [الكهف: ٢٧]، وأخبر عن أمر الله له في قوله تعالى: ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ﴾ [النمل: ٩١]، وقال النبي ﷺ: «اقرؤوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه، أما إني لا أقول (آلم) حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر، فتلك ثلاثون»، رواه أبو جعفر النحاس في كتابه الوقف والابتداء، وهو في صحيح الجامع للألباني، وقال:«اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لصاحبه،،،»، الحديث، رواه أحمد ومسلم عن أبي أمامة، وقال:«إن لله تعالى أهلين من الناس: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته»، رواه أحمد والنسائي والبيهقي والحاكم عن أنس، خص حفظة القرآن العاملين به بنسبتهم لله تعالى كاختصاص الإنسان بأهله، فهم أولياؤه على الحقيقة، وقال:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، رواه البخاري والترمذي عن عثمان ﵁، وروى الترمذي عن جبير بن نفير مرفوعا:«إنكم لا ترجعون إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه» يعني: القرآن، وهو مرسل.
لكن هذا إنما ينطبق على من التزم الشرع والسنة في تلاوة القرآن، فإن الله تعالى أمر بترتيله في قوله: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)﴾ [المزَّمل: ٤]، وأخبر أنه أنزله مرتلا في قوله: ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢)﴾ [الفرقان: ٣٢]، وقال تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦)﴾ [الإسراء: ١٠٦]، وكذلك كان يقرؤه رسول الله ﷺ، فعن أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أن