فهمه وأحسن الجواب، فلا ينعقد بيع غير المميز لصبا أو جنون، وفي بيع السكران خلاف، قيل لا يصح بيعه اتفاقا، وقيل لا يصح على المشهور، وإنما الخلاف في السكران الطافح، أما من له نوع تمييز، فبيعه منعقد، لكن اختلفوا في لزومه، والمعتمد عدم اللزوم، ومثله الصبي المميز فإنه يصح بيعه، لكنه غير لازم، فيجوز لوليه أن يرده، لأن التكليف مع الرشد والطوع شرط في اللزوم، ولا يلزم بيع السفيه ولا المكره إذا كان الإكراه ظلما غير مشروع، أما من أكره على بيع شيء لقضاء دينه، أو للإنفاق على من وجبت عليه نفقته، أو لكونه محتكرا أضر احتكاره بغيره فهذا بيعه ماض صحيح، ويشترط فيمن يباع له العبد المسلم والمصحف الإسلام، وكذلك يشترط الإسلام فيمن يباع له العبد الصغير مسلما كان أو كافرا.
والركن الثاني المعقود عليه وهو الثمن والمثمن، ويشترط لصحة العقد عليه خمسة شروط هي: طهارته، والانتفاع به، وعدم النهي عنه، والقدرةُ على تسليمه، وعدم الجهل بالعوضين أو أحدهما.
فأما الطهارة فينبغي أن تكون أصلية، أو عرض لها تنجس يمكن إزالته، فلا يجوز بيع الزيت المتنجس، لأنه لا يمكن تطهيره، وقيل إن القياس جواز بيعه إذا بين حاله، لأن تنجيسه لا يسقط ملكية صاحبه عنه، ولا يذهب بجواز الانتفاع به، ومن ثمة فلا يجوز إتلافه عليه، فيصح بيعه ممن يصرفه فيما هو له، وقد كان ابن اللباد يفتي بهذا، وما تقدم من عدم إمكان تطهير نحو الزيت هو المشهور، وفي رواية عن مالك أن غير الماء لا يختلف عنه، فلا ينجسه إلا ما غيره، وهو الصحيح كما قال ابن العربي في المسالك (٦/ ١٦٩)، وكل هذا على مذهب من لا يرى تطهير نحو الزيت المتنجس، أما من يرى إمكان تطهيره فسبيله سبيل الثوب المتنجس، فإنه يمكن إزالة ما به من نجاسة فيجوز بيعه مع تنبيه المشتري إلى ذلك، ولا يجوز بيع زبل المحرم في المذهب كالخيل والبغال والحمير، وكذا المكروه كالسبع والضبع والثعلب والذئب والهر، وقد بلغ الحطاب بعدد الأقوال الواردة في بيع العذرة أربعة، المنع لمالك وهو الأكثر، والكراهة على ظاهر المدونة، والجواز لابن الماجشون، والفرق بين الضرورة لها فيجوز وغيرها فيمنع، وهو لأشهب، وإذا جاءت هذه