للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٩ - «ثم لا يجوز له بيعه، وله خدمته، وله انتزاع ماله، ما لم يمرض، وله وطؤها إن كانت أَمَة».

تحرير المدبر موقوف على موت مالكه، فلا يجوز له الرجوع فيه كما يرجع في الوصية، ومن ثم امتنع بيعه وهبته والتصدق به، لكن يجوز له أن يستخدمه لأنه باق على ملكه، ومن لم يجعل التدبير لازما لم يمنع بيعه، ويحل للمالك وطء الأَمَة المدبرة لأنها باقية على ملكه، فإن حملت كانت أم ولد تعتق من رأس المال، لا من الثلث كما هو الأمر لو لم تحمل، وقد احتج مالك في الموطإ (١٤٩٠) على وطء المدبرة بفعل ابن عمر، وأثبت قول ابن المسيب بذلك، وكذا قوله بعدم جواز بيعها أو هبتها، وأن ولدها بمنزلتها، وللمدبر أن ينتزع مال مدبره ما لم يمرض مرضا مخوفا لما في ذلك من احتمال قصد مضارته بجعل ماله للوارث.

واعلم أنه لم يقم الدليل على منع مالك المدبر من الرجوع في تدبيره، وما ورد في ذلك لا تقوم به حجة، ومنه ما رواه الدارقطني عن ابن عمر أن النبي قال: «المدبر لا يباع ولا يشترى، وهو حر من الثلث»، قال ابن حزم موضوع، وجملته الأخيرة عند ابن ماجة (٢٥١٤) نحوها، وقال الألباني موضوع، قال بعضهم إن الصحيح أنه موقوف على ابن عمر، وقد اعتمد مالك على عمل أهل المدينة فقال: «الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه»، انتهى.

وقد قيد أهل المذهب منع بيع المدبر بما إذا لم يكن المالك مَدينا دَيْنًا سابقا على التدبير، لأن التدبير تبرع وإحسان، وَرَدّ الدَّيْن واجب فيقدم عليه، لكن تقييد الدين بكونه سابقا على التدبير فيه نظر لما رواه الشيخان عن جابر أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي فقال: «من يشتريه مني»؟، فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>