هذا أحد أنواع اليمين الثلاثة، وهي اليمين القسمية، وما في الفقرة هو شطر حديث لعبد الله بن عمر ﵄ أن النبي ﷺ أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب يحلف بأبيه؛ فقال:«إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآباكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت»، رواه مالك (١٠٣١) والشيخان، وأبو داود (٣٢٤٩)، وفيه دليل على النهي عن الحلف بغير الله تعالى من المخلوقات، لا فرق بين ما كان منها معظما في الشرع أو محقرا، وإنما جاء ذكر الآباء لسبب ورود الحديث، فهو بعض أفراد العام المنهي عن الحلف به وهو المخلوقات كلها، والفقرة الأخيرة قاضية بما ذكرت، واختلف في حكم الحلف بغير الله في المذهب، فقيل بالكراهة، وقيل بالتحريم وهو المشهور، وهو ظاهر النهي، ومذهب مالك أن النهي يدل على التحريم، وهذا الخلاف فيما إذا كان صادقا، فإن كان كاذبا فهو محرم بلا خلاف، وفي المرفوع:«كل يمين يحلف بها دون الله شرك»، رواه الحاكم عن ابن عمر، وأقره الذهبي على ما قال، وهو في الصحيحة برقم (٢٠٤٢)، فحكم على كل يمين بغير الله بأنها شرك، فدل على تحريم ذلك، ولا يلزم منه الحكم على الفاعل بأنه مشرك كما لا يخفى.
وعن أبي هريرة ﵁ مرفوعا:«لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون»، رواه أبو داود (٣٢٤٨) والنسائي، والأنداد جمع ند بكسر النون هو المثيل والشبيه، أي لا تحلفوا بمن جُعِلُوا أندادا لله من الأصنام وغيرها.
فأما حديث طلحة بن عبيد الله في قصة الأعرابي، وفيه قول النبي ﷺ:«أفلح وأبيه إن صدق، دخل الجنة وأبيه إن صدق»، رواه أبو داود في موضعين من سننه:(٣٩٢) و (٣٢٥٢)، وهو في الصحيحين بأصله؛ فقد قيل بضعفه، وقيل كان قبل النهي، وليس بجيد لكونه من العقائد ولا نسخ فيها، وقيل هذا جرى على اللسان من غير إرادة الحلف، وهذا خير مما