للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥ - «ولا بأس بالبكاء بالدموع حينئذ، وحسن التعزي والتصبر أجمل لمن استطاع، وينهى عن الصراخ والنياحة».

جمود العين مذموم، قال رسول الله : اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع»، رواه الترمذي (٣٤٨٢) والنسائي عن ابن عمرو، وأبو داود (١٥٤٨) عن أبي هريرة، وذكر رسول الله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»، وقرأ ابن مسعود عليه من سورة النساء، حتى إذا بلغ قوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (٤١)[النساء: ٤١]، قال حسبك، قال: «فالتفت فإذا عينا رسول الله تذرفان»، وقد بكى النبي على ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه، فذرفت عيناه، وقال عن ذلك إنه رحمة، ثم قال: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون»، وبكى على عثمان بن مظعون، وبكى على سعد بن عبادة، وبكى على صبي لبنته زينب، ، فقال له سعد ما هذا يا رسول الله؟، فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء»، وهو في الصحيحين من حديث أسامة بن زيد، وبكى عند قبر أمه، وأقر أبا بكر وعمر على البكاء على سعد بن معاذ، كما أقر آل عمه جعفر على البكاء عليه، ثم نهاهم عن البكاء عليه بعد ثلاث، كما رواه أبو داود عن عبد الله بن جعفر، وبكى أبو بكر على رسول الله بعد وفاته، وهو في صحيح البخاري عن عائشة، لكن ورد عنه بعد إقراره البكاء حال احتضار عبد الله بن ثابت قوله: «فإذا وجب فلا تبكين باكية»، رواه مالك (٥٥٤) وأبو داود عن جابر ابن عتيك، ومعنى وجب مات.

والجمع بين ما سبق أن يكون المنهي عنه هو ما كان مصحوبا بصراخ أو نياحة، والمأذون فيه البكاء بدمع العين فحسب من غير تكلف ولا استدعاء، ذلك أن البكاء لا

<<  <  ج: ص:  >  >>