٠٤ - «ولا شفعة إلا في الأرض وما يتصل بها من البناء والشجر».
في صحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي عن جابر ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«الشفعة في كل شرك: في أرض، أو رَبع، أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه»، والربع بفتح الراء وسكون الباء ما يربع فيه الإنسان ويتوطنه، وقصد المؤلف نفي الشفعة في غير ما ذكر استقلالا، أما لو كان تبعا فالشفعة قائمة، لكن إذا باع الشريك حصته من الثمار فإن لشريكه الشفعة فيها ما لم تيبس، فإذا يبست فاز بها المشتري وبقي للشريك حق الشفعة في الأشجار فيأخذها بما ينوبها من الثمن، بخلاف الرزع فإنه لا شفعة فيه، لكن الأرض باقية على أصلها من الشفعة، وقد قال مالك بالشفعة في الثمار دون غيره من العلماء، وقالوا إن قوله هذا كان استحسانا منه، ومما قاله عنها:«ما علمت أحدا قبلي من أهل العلم قاله، ولكني استحسنته»، انتهى.
قال كاتبه: يظهر لي والله أعلم أن قول مالك بالشفعة في الثمار من القوة بمكان، وقد كان يقع في نفسي أنه استأنس في قوله هذا بالترخيص في بيع العرية بخرصها تمرا استثناء من أصل ممنوع لدفع الحرج عن المعري فقال بالشفعة في الثمار مراعاة لهذا المعنى، ف ﵀ ما كان أعلمه وما أسد نظره، ثم وجدت ابن العربي قد قاله في المسالك، وقد قالوا إن هذا واحد من أمور خمسة أو ستة رآها ﵀، ومنها استحسانه الشفعة فيما إذا بنى قوم في دار حبست عليهم ثم مات أحدهم فأراد ورثته بيع نصيبه من البناء فلإخوته فيه الشفعة، وقوله في القصاص بالشاهد واليمين، وكون أنملة الإبهام فيها خمس من الإبل، ويؤخذ من استحسانه هذا أربعة أمور أولها تحفظه الشديد من أن يقول برأيه في شيء من أمور الدين، والثاني لجوؤه إلى ذلك عند الضرورة، وقد قال عبد الله بن مسعود ﵁ في مسألة من توفي عنها زوجها ولم يكن قد فرض لها:«أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه بريئان»، وهو عند أبي داود (٢١١٦)