١١ - «وليدخل معتكفه قبل غروب الشمس من الليلة التي يريد أن يبتدئ فيها اعتكافه».
لما كان أقل الاعتكاف يوما وليلة في مشهور المذهب؛ كان دخول المعتكف قبل غروب الشمس أو معها واجبا، فإذا لم يفعل؛ فلا يعتد بذلك اليوم وهو قول سحنون، وقيل هو مستحب بناء أن أقل الاعتكاف يوم، وهو قول البغدايين من المالكية، كما صرح به القاضي عبد الوهاب في كتابيه المعونة والتلقين، وجرى عليه خليل في مختصره فقال:«ودخوله قبل الغروب، وصح إن دخل قبل الفجر»، انتهى، لكن أباه الشارح الدردير فقال إن الراجح الوجوب، وفي الموطإ:«يدخل المعتكف المكان الذي يريد أن يعتكف فيه قبل غروب الشمس من الليلة التي يريد أن يعتكف فيها حتى يستقبل باعتكافه أول الليلة … ».
وفي المسألة أحاديث ظاهرها التعارض، أولها حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:«كان رسول ﷺ يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ثم اعتكف أزواجه من بعده»، رواه البخاري (٢٠٢٦) ومسلم، وجاء من رواية ابن عمر أيضا، والمراد بالعشر؛ الليالي، فدل على أنه كان يبتدئ اعتكافه من ليلة الواحد والعشرين، وصح أنه كان يعتكف في رمضان عشرة أيام، وهو في البخاري (٢٠٤٤) عن أبي هريرة، فلما جاء في حديث عائشة عند الشيخين (خ/ ٢٠٣٣) أنه ﷺ كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر، ثم دخل معتكفه»، وهذا لفظ الترمذي (٧٩١)، وظاهره يدل على أنه لم يعتكف إلا تسع ليال؛ حملوا قولها «ثم دخل معتكفه»؛ على أنه وقت الاختلاء بنفسه في المكان الذي أعده لاعتكافه، لا وقت بداية اعتكافه.