مرور الأيام وفشو الجهل وكثرة الكلام والردود والخصام.
• معنى العقيدة:
لفظ العقيدة لم يرد له ذكر في معاجم اللغة وقواميسها فيما علمت، وقد كان اللفظ الذي يراد به معناها عند المتقدمين هو لفظ السنة، والإيمان، والشريعة، وبهذا كان العلماء يسمون الكتب التي تذكر معتقد أهل السنة والجماعة كالسنة للالكائي، وابن أبي عاصم، والإيمان لابن أبي شيبة، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وأصول السنة للإمام أحمد، والحميدي، وشرح السنة للبربهاري، والشريعة للآجري وغيرها، لكن التشنبع على العلماء الذين شهدت لهم الأمة بالخير ووسمهم بأنهم ابتدعوا باستعمال هذه الكلمة وغيرها من الأمور التي فصلوها للحاجة إليها فيه تجن عليهم وظلم لهم، وفاعله صاحب حظ من الدنيا يسعى إليه بحب الظهور، له أن يدعو إلى ترك هذه الكلمة في أدب ولطف، والله الهادي.
وللعقيدة علاقة بالعَقد الذي يلتقي مع الربط، والجزم، والإبرام، وهو خلاف الحل، والنقض، والنكث، فكأنها فعيلة بمعنى مفعولة، لأن القلب ينعقد عليها، فتستقر فيه وترسخ، ولهذا أسند المؤلف الاعتقاد إلى الأفئدة جمع فؤاد، وهو القلب، فالعقائد من أعمال القلوب، وأعمال القلب هي الأصل لأعمال البدن، لكن لا يكتفى بهذه عن تلك.
قال البخاري ﵀ في أحد أبواب كتاب الإيمان: باب قول النبي ﷺ أنا أعلمكم بالله، والمعرفة عمل القلب لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٥]، انتهى.
والمراد أن الآية أثبتت للقلب كسبا، لكن معرفة الله المجردة ليست هي المراد، فلا تنجي صاحبها، وإلا فقد عرف إبليس ربه، ومع ذلك فهو من أهل النار، وقال الله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)﴾ [النمل: ١٤]، فالمعرفة التي تترتب عليها آثارها هي المقصودة، قال البخاري ﵀: والمعرفة عمل اللقب.
ويراد بالعقيدة أحيانا جنس ما على المسلم أن يعتقده مستيقنا إياه، ومن هذا القبيل