وهب عن أبي الزناد كما في المدونة (١/ ١٣٤) قال: سمعت خارجة بن زيد بن ثابت يعيب على الأئمة قعودهم بعد التسليم، وقال: «إنما كانت الأئمة ساعة تسلم تنقلع (من؟) مكانها».
وقال القرافي:«كره مالك ﵁ وجماعة من العلماء لأئمة مساجد الجماعات الدعاء عقب الصلوات المكتوبة جهرا للحاضرين، فيجتمع لهذا الإمام التقديم، وشرف كونه ينصب نفسه واسطة بين الله تعالى وبين عباده في تحصيل مصالحهم على يديه في الدعاء، فيوشك أن تعظم نفسه، ويفسد قلبه، ويعصي ربه في هذه الحالة أكثر مما يطيعه»، ذكر ذلك أبو الحسن في شرحه.
ومما يتعلق بما نحن فيه، مسألة رفع الأيدي عند الدعاء أدبار الصلوات، فالذي يتضح أنه إن كان هناك ما يستدعي الدعاء كالاستسقاء؛ فإن دعاء واحد وتأمين الباقين مشروع، لأنه أحد أوجه الاستسقاء الواردة في السنة، أما رفع الواحد يديه في الدعاء بعد الصلاة؛ فقد علمت طائفة من الأدعية والأذكار التي تقال عقب الصلاة، فإذا جاء المرء بتلك الأذكار، ثم بدا له أن يزداد من الدعاء ورفع يديه فلا حرج في ذلك، فقد ورد عن النبي ﷺ رفع يديه في وقائع كثيرة حتى صار ذلك مما يمثل به للمتواتر المعنوي في السنة، فمن حفظ تلك الوقائع ورفع فيها؛ فهذا أقوم في المتابعة، لكن ذلك لا يمنع من مشروعية الرفع في غير ما ذكر من تلك الوقائع، للعمومات الواردة في رفع اليدين كقول ﷺ:«إن ربكم ﵎ حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا»، رواه أبو داود (١٤٨٨) والترمذي وابن ماجة، والصفر بكسر الصاد الخالي الفارغ، يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد وغيره، وقد ورد في خصوص رفع اليدين بعد الصلاة أحاديث لم تسلم من طعن ذكر بعضها المباركفوري في شرحه لجامع الترمذي المسمى تحفة الأحوذي (١/ ٢٤٥)، باب ما يقول إذا سلم، نعم الذي ينبغي أن يجتنب هو أن يبادر المصلي بمجرد انتهاء صلاته إلى رفع يديه للدعاء مع اختصاره صلاته وتركه الدعاء في التشهد، وبخاصة في السجود الذي العبد فيه أقرب ما يكون من ربه ﷿، وهكذا لا يشرع للإمام أن ينتصب للدعاء عقب الصلاة، وينتظره المأمومون فيرفعون مثله، وربما جهر