٥ - «وليس في إثر صلاة خسوف الشمس خطبة مرتبة، ولا بأس أن يعظ الناس ويذكرهم».
المذهب أن صلاة الكسوف لا خطبة معها، وإنما هو وعظ وتذكير للمصلين، وهذا هو معنى نفي المؤلف الخطبة المرتبة، وإثباته مع ذلك الوعظ والتذكير، والفرق كما ترى عسير بين الأمرين، لا سيما إذا افتتح هذا الوعظ والتذكير بالحمد والشهادة، كما هو شأن النبي ﷺ في خطبه، فإنه يستبعد أن لا يفعل ذلك، وهو القائل:«كل خطبة لا شهادة فيها؛ فهي كاليد الجذماء»، وقد جاء التصريح في حديث عائشة الصحيح بأنه ﷺ خطب الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:«إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك؛ فادعوا الله، وكبروا وتصدقوا، ثم قال: يا أمة محمد ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته، يا أمة محمد، والله لو تعلمون ما أعلم؛ لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا»، وهذا الحديث بهذا اللفظ في الموطإ (٤٤٤)، ولو تتبعت ألفاظ الحديث في رواياته لزاد حجم المقول منه ﷺ، والذي يظهر من قول الإمام أن خطبة الكسوف ليست على نسق الخطب الأخرى من الترتيب بحيث يخطب خطبتين ويجلس بينهما، ويجلس قبلهما، ويرقى من أجلهما المنبر، فهذا هو المقصود بالنفي، ولعل الإمام أدرك الناس على هذا، فقال به في فهم الحديث الذي رواه كعادته عليه رحمة الله، ثم إن أقوال مالك؛ فيها الربط بين الجهر بالقراءة وبين الخطبة المرتبة المعتادة كما في الجمعة، والعيدين، والاستسقاء، أما عرفة فقوله فيها أن المقصود منها تعليم الناس، فليست خطبة تابعة للصلاة، وقد تقدم في صلاة العيد ما في المدونة من قول مالك عن خطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وأنها على شكل واحد، وعلى هذا أهل المذهب لما رأوا أن صلاة الكسوف يسر فيها بالقراءة قالوا لا خطبة فيها، لأنها كسائر النوافل.