٢٠ - «واللحد أحب إلى أهل العلم من الشق، وهو أن يحفر للميت تحت الجرف في حائط قبلة القبر، وذلك إذا كانت تربة صلبة لا تتهيل، ولا تتقطع، وكذلك فعل برسول الله ﷺ».
اللحد أن يحفر في جدار القبر جهة القبلة جيب يسع الميت فيوضع فيه، والشق أن يحفر وسط القبر حفرة يوضع فيها الميت، واللحد أولى لقول النبي ﷺ:«اللحد لنا، والشق لغيرنا»، رواه أصحاب السنن الأربعة (د/ ٣٢٠٨) عن ابن عباس، وهو الذي اختاره الله لنبيه ﷺ، فقد روى ابن ماجة عن أنس قال:«لما توفي رسول الله ﷺ كان رجل يلحد والآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا ونبعث إليهما، فأيهما سبق تركناه، فأُرسل إليهما، فسبق صاحب اللحد، فلحدوا له»، وهو في الموطإ (٥٤٦) بنحوه عن هشام بن عروة عن أبيه، ولولا أن الصحابة كانوا يرون الأمرين جائزين لتركهم ذلك من غير اختيار منهم، لكانت صيغة حديث ابن عباس دالة على كراهة الضرح، وقد بين المؤلف أن الضرح يتعين إذا كانت التربة غير صلبة بحيث تتهيل وتنهدم كالأرض الحديثة بالردم، وأقول وبناء على هذا فإن الأفضل عندنا الضرح، لأن الناس كلهم يسيرون بين القبور، وفي الضرح يكون الميت في الموضع الذي لا يسير فيه الناس، وفي العتبية من سماع ابن غانم عن مالك:«اللحد والشق كل واسع، واللحد أحب إلي».
وينبغي أن يوسع القبر من قِبَل الرأس ومن قِبَل الرِّجْلين، حتى لا يكون تعلة لترك السنة، وهي إدخال رأس الميت أولا من جهة الرجلين في القبر، لا كما عليه فعل الناس عندنا، ودليله ما رواه ابن أبي شيبة وأبو داود عن أبي إسحاق قال:«أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد، فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال: «من السنة»، وهذا له حكم الرفع.