منصوص عليه منه، وقد مارس ذلك ابن أبي زيد نفسه، قال في الجامع:«ومنه شيء يحضرني، أستنبطه على معنى أصولهم واحتجاجهم».
وقيل المذهب ما أفتى به الناس، والطريقة ما أخذ به في نفسه، ومثاله سجوده في سورة العلق، مع عدم الإفتاء به، وعدم رفعه يديه في الدعاء، وغير ذلك.
وصاحب المذهب هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ﵁، ولد سنة (٩٣)، وتوفي سنة (١٧٩)، عاش في المدينة المنورة، من الذين أخذ عنهم محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري، وأيوب السختياني، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحي بن سعيد، وموسى ابن عقبة، ونافع بن أبي نعيم القارئ، كان متحريا في الرواية، متمسكا بالسنة، شديدا على أهل البدعة، أهم ما خلفه موطأه الذي مارسه تدريسا أزيد من أربعين سنة، وكتب أخذت عنه من أبرزها المدونة التي رواها عنه عبد الرحمن بن القاسم، ثم اشتهرت نسبتها لسحنون رحمهما الله، ورسالته إلى ابن وهب في القدر، ورسالته إلى هارون الرشيد في الآداب والمواعظ، ومن الأصول التي اختص بها تقديم عمل أهل المدينة على أخبار الآحاد، في تفصيل لا يذكر هنا، والتوسع في سد الذرائع والأخذ بالمصالح.
وقوله:«مع ما سهل سبيل ما أشكل من تفسيرالراسخين، وبيان المتفقهين»، أراد به أن كتابه لا يقتصر على أقوال الإمام والقياس على أصوله فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى تفسيرها وشرحها، وأنه يستعين على إزالة ما قد يكون فيها من إشكال بما قاله من تقدمه من أهل العلم، وهم نوعان: الراسخون، وهم الثابتون في العلم من العلماء المجتهدين، وقد قيل إنه أراد الصحابة الذين فهموا معنى القرآن والحديث، ولا يظهر لي ذلك فإنه لم يذكر أقوالهم، ولا يصح أن يكون في أقوالهم ما يزيل الإشكال مما في مذهب مالك وطريقته، وإنما أراد أن يبين أن العلماء الذين اعتمد أقوالهم ليسوا في منزلة واحدة، فإن المتفقهين دون الراسخين، والمراد بالجميع الفقهاء ممن اتبعوا مالكا كعبد الرحمن بن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وابن الماجشون، ومطرف، وابن حبيب، وسحنون، وغيرهم، على أنه هو نفسه قد تولى توجيه كلام العلماء الذين تقدموه، فقد قال في كتاب