عن مالك، وهو قول ابن وهب من أصحابه، وقد جاء هذا في غير حديث، من ذلك قول رسول الله ﷺ:«ألا إن دية الخطإ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا: مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها»، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه ابن حبان من حديث عبد الله بن عمرو، وهو طرف من حديث في خطبة النبي ﷺ يوم الفتح بمكة، انظر الإرواء (ح/ ٢١٩٧)، وليس بين شبه العمد والخطإ غير التشديد في الدية.
وقد ذكر مالك أمثلة للعمد عنده في الموطإ باب ما يجب في العمد ومما قاله:«والأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن الرجل إذا ضرب الرجل بعصا، او رماه بحجر، أو ضربه عمدا، فمات من ذلك، فإن ذلك هو العمد وفيه القصاص،،،»، انتهى، وقد رجح القرطبي الرواية التي عن مالك بإثبات شبه العمد فقال:«وهو الصحيح، فإن الدماء أحق ما احتيط لها إذ الأصل صيانتها في أهبها، فلا تستباح إلا بأمر بَيّنٍ لا إشكال فيه، وهذا فيه إشكال، لأنه لما كان مترددا بين العمد والخطإ حكم له بشبه العمد، فالضرب مقصود، والقتل غير مقصود، وإنما وقع بغير القصد فيسقط القَوَدُ وتغلظ الدية»، انتهى، ومهما يكن فقد قال مالك بتغليظ الدية في قتل الرجل ولده اتباعا لما في قصة المدلجي الذي ضرب ابنه بالسيف فقتله، وسيذكره المؤلف في أسباب تغليظ الدية.
والقتل العمد من أكبر الكبائر لقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)﴾ [النساء: ٩٣] والمراد خلود من استحل القتل، أو يكون المراد بالخلود طول البقاء كما في قول الشاعر:
«ألا لا أرى على الحوادث باقيا … ولا خالدا إلا الجبال الرواسيا»