٣٨ - «ومن غلبته عيناه عن حزبه؛ فله أن يصليه ما بينه وبين طلوع الفجر وأول الإسفار، ثم يوتر ويصلي الصبح، ولا يقضي الوتر من ذكره بعد أن صلى الصبح».
من كانت عادته أن يستيقظ قبل الفجر ليصلي ورده، إن غلبته عيناه أحيانا وأمكنه أن يصليه قبل صلاة الصبح؛ فعل ما لم يسفر، لأنه إن أسفر ضاق الوقت فاختص بالفرض، ودليله ما رواه أبو داود (١٤٣١) باب في الدعاء بعد الوتر، وهو ليس الباب المنتظر أن يورد فيه هذا الحديث، عن أبي سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال:«من نام عن وتره أو نسيه؛ فليصله إذا ذكره»، لكن الحديث فيه أن من نسيه يصليه متى ذكره دون قيد، ولا ينافيه القيد الذي جاء فيما رواه مسلم والترمذي (٥٨١) عن عمر بن الخطاب قال، قال رسول الله ﷺ:«من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر؛ كتب له كأنما قرأه من الليل»، فإن هذا التحديد بزمان معين مرتبط بالفضل المذكور، والمراد بالحزب الورد، وهو ما اعتاد المرء صلاته من الليل، ويحتمل ما اعتاد قراءته من القرآن، فإن معنى قيام الليل لا ينحصر في الصلاة، ويقوي ما تقدم عموم قول النبي ﷺ:«من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها»، فهذا قضاء الصلاة التي يُنام عنها أو تُنسى، لكنه عام في كل صلاة، لأن النكرة في سياق الشرط تعم، ويدل عليه قضاء النبي ﷺ راتبة الظهر بعد العصر حين شغله عنها وفد عبد قيس كما هو في الصحيح، أما أن النبي ﷺ كان إذا غلبه نوم أو وجع؛ صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة؛ فلا يدل على خلاف هذا، لأن الذي يصلي وتره قبل الصبح هو من تيسر له ذلك، والنبي ﷺ كان يبادر بصلاة الصبح وهو إمام الناس فلا يتأتى له ذلك، ولعله قد صلى الوتر لكنه لم يستكمل ما اعتاد صلاته للعلة المذكورة، وقد استدل الإمام ابن تيمية ﵀ بالحديث المتقدم على أن الوتر لا يقضى إذا صليت الصبح