لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٠١)﴾ [الأنعام: ١٠٠ - ١٠١]، إذ لو كان له ولد لكان له صاحبة، فإن الولد لا يكون إلا كذلك، ولو كانت له صاحبة لما كان خالقا، لكنه هو الخالق سبحانه وهم يعترفون بهذا، وحيث إنه ليست له صاحبة فما وجه أن يجعل واحد من خلقه ولدا له دون غيره؟، فعاد الأمر إلى أن الجميع خلقه، وقال تعالى حكاية عن الجن: ﴿وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (٣)﴾ [الجن: ٣]، أي؛ تعالى جلاله وعظمته وأمره، فكيف يتخذ الصاحبة والولد؟.
وقوله:«ولا شريك له»، مرجع مادة الشرك إلى الخلط والضم، ويشمل الحسيات والمعنويات، واجتماع الشركاء في شيء لا يعني تساوي أنصبائهم منه، فيثبت اسم الشريك بالنصيب ولو كان ضئيلا، والمراد من نفي الشريك عن الله تعالى نفي الشريك له في ربوبيته وألوهيته وصفاته، وقد تقدم، كما أن المراد من نفي الشبيه نفيه عنه في ذاته وصفاته وأفعاله.
وقال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبإ: ٢٢ - ٢٣]، ففي هذه الآية نفي لأنواع من الشرك المقتضية نفي استحقاق غير الله أن يدعى أو يعبد، وهي مرتبة ترتيبا تنازليا كما يقول المعاصرون:
- ففيها نفي ملك غير الله شيئا من السموات والأرض استقلالا.
- ونفي مشاركة غيره له سبحانه في شيء منهما شياعا.
- ونفي وجود معين له سبحانه في شيء من شؤون خلقه.
- ونفي وجود من يتقدم بين يديه يُدلي بجاهه لتخليص أحد بشفاعته.
وقد بين الشيخ مبارك الميلي ﵀ أن هذه الآية جعلت أقسام الشرك أربعة، وهي على الترتيب شرك الاحتياز، وشرك الشياع، وشرك الإعانة، وشرك الشفاعة (١)، لكن من المعلوم أن الشرك لا ينحصر في هذه الأقسام، وإنما نفيت هذه الأنواع منه وأبطلت للاحتجاج على توحيد الألوهية كما علمت، وهو يقصد بشرك الشفاعة الشفاعة التي لا يأذن بها الله كما هو معتاد