﵀ لم ينفرد بذكره، وقد قيل هذا أيضا عن تقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، بل رصدت الجوائز من بعضهم في إحدى الجرائد تحديا لمن يثبت القول بهذا التقسيم عن بعض السلف، وصولا إلى القول بأنه بدعة، وقد علمت أن كلا من هذه الأقسام مدلول للا إله إلا الله بالمطابقة، أو باللزوم، واستدل بعض أهل العلم على هذا التقسيم بقوله تعالى: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (٦٥)﴾ [مريم: ٦٥]، فذكر الله تعالى في هذه الآية أنه رب كل شيء، وأمر بعبادته، وأنكر أن يكون له شبيه في أسمائه، فدل على توحيده في ألوهيته، وربوبيته، وفي أسمائه وصفاته، وقد علمت ما قال به كثير من العلماء في عصر ابن أبي زيد وقبله من الزيادات لأجل التوضيح، لكني أذكر أن التوسع في الكلام على العقائد لم يأت بخير كما نبهت عليه مرارا، ومن بين الحق فليقبل منه، لكن لا يصح أن يتخذه وسيلة إلى الطعن في علماء الأمة واتهامهم بالابتداع، والله أعلم.
٦ - وليعلم أن ما قدره الله لا بد من وقوعه على النحو الذي قدره، لكن لا يجوز أن يفهم من هذا ترك اتخاذ الأسباب التي شرعها الله تعالى، فإن الله هو خالق الأسباب، وقد كتب السبب والمسبب، فلا ينبغي تجاهل الأسباب تحت ذريعة أن كل شيء قد قدر وكتب، وأنه لا بد من وقوعه، فما جدوى العمل؟، فإن المرء مهما اتخذ من الأسباب لا يخرج عما أراده الله وقدره، والقدر لا يعلم حتى يقع، أو ياتي خبر الصادق بوقوعه في وقت كذا، فكيف يربط المرء عمله بشيء لا يعلمه ثم يكون ذلك حجة له؟، لكن لا يفهم من هذا أن المرء مجبور على ما يفعل، وقد قيل لعمر ﵁ حينما عزم على الرجوع بعد أن سمع بالطاعون في الشام، قيل له: أفرارا من قدر الله؟، قال نفر من قدر الله إلى قضاء الله».
وقال النبي ﷺ:«لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد»(١)، وأوله نفي أن تكون هذه الأمور مؤثرة بطبعها، بل بتقدير الله تعالى ذلك، وقوله وفر من المجذوم إرشاد إلى اتخاذ السباب فإنه مطلوب مشروع، ولكن