٣٦ - «وترك المراء والجدال في الدين، وترك كل ما أحدثه المحدثون».
هذه العبارة كان علماء الأمة كثيرا ما يذكرونها، منهم الإمام أحمد بن حنبل إذ قال في مقدمة كتابه أصول السنة:«أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله ﷺ، والاقتداء بهم، وترك البدع كلها، فهي ضلالة، وترك الخصومات في الدين»، انتهى.
ومراد المؤلف أن مما هو مطلوب من المؤمن ترك هذه الأمور الثلاثة، أولها الجدال، يقال جادله إذا خاصمه.
وقال الراغب:«الجدال المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة»، وثانيها المراء، وهو المحاجة فيما فيه مرية أي شك، فكأن كل واحد من المتمارين يريد إيقاع غيره فيه، قال النبي ﷺ:«أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا،،، الحديث»(١)، والزعيم هنا الضامن والكفيل، والأمر الثالث اجتناب البدع.
والمصنف لم يفصل في حكم الجدال والمراء، بل بين مطلوبية تركه بإطلاق، وقد أدى ذلك ببعض الشراح إلى حمل الجدال المنهي عنه هنا على مجادلة أهل البدع والأهواء، واتبعوا في ذلك القاضي عبد الوهاب ﵀ حيث قال: «اعلم أن مراده في هذا الفصل كراهة مناظرة أهل الأهواء ومجادلتهم، والندب إلى ترك ذلك، وذلك مكروه لما (خرم) وتأنيسهم إلى إعلان بدعتهم وإظهار ضلالتهم»، انتهى.
وقال أبو الحسن: «والجدال مناظرة أهل البدع، وإنما منع من ذلك لأنه يؤدي إلى