للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رغيبة ما فيه رغب النبي … بذكر ما فيه من الأجر جبي

أو دام فعله بوصف النفل … والنفل من تلك القيود أخل

والأمر، بل أعلم بالثواب … فيه نبي الرشد والصواب

وسنة ما أحمد قد واظبا … عليه والظهور فيه وجبا

وبعضهم سمى الذي قد أكدا … منها بواجب فخذ ما قيدا

وقد أشار المؤلف إلى بعض هذا التفصيل كما ترى، وجعله كله متصلا بالواجب، ومعنى اتصاله به إما لأنه يفعل بعده أو قبله كالرواتب، أو معه كبعض أفعال الصلاة والصوم والحج، أو لأنه ينزل عنه في درجة المطلوبية، والعناية بما يتصل بالواجب مما يسهل المحافظة على الواجب، الذي هو رأس المال، وقد قال عبد الواحد بن عاشر:

ويحفظ المفروض رأس المال … والنفل ربحه به يوالي

والنفل مما يجبر به الخلل الذي قد يكون في الفرائض في الآخرة من أي نوع كانت بأمر الله تعالى كما ورد بذلك الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة، وهذا من رحمة الله بعباده في الآخرة، وقد جاء أن الجزء من المائة الذي أنزله الله في الدنيا يضم إلى التسعة والتسعين في الآخرة، والتنفل من موجبات محبة الله تعالى لعبده كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة : «وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه» (١).

وقوله: «وشيء من الآداب منها»، الآداب جمع أدب، وأصله الدعاء، ولذلك قيل في تعريفه: إنه ما يأدب الناسَ، أي يدعوهم إلى المحامد وينهاهم عن المقابح، ولما كان لا بد مع العلم من الأدب، بل لا بد من الأدب قبل العلم، أفرده المؤلف أحسن الله إليه بالذكر، وهو وإن كان من جملة ما يتعلم، بل إن ما يطلق عليه الأدب هو من جملة الأحكام الشرعية، إلا أنه يفرد بالذكر في كتب وأبواب كما هو صنيع البخاري في صحيحه، وفي


(١) رواه البخاري (٦٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>