سماع الباطل جنس تحته أفراد سيشير المؤلف إلى بعضها، قال زروق ﵀«والباطل كل ما لا يفيد أمرا دينيا ولا دنيويا ضروريا ولا حاجيا ولا تكميليا يرجع إلى المعروف، كالترهات والأباطيل والأضحوكات التي تحتها محرم وكذب يتوهم أنه حق وصدق»، انتهى.
والمؤمن إذا سمع الباطل عرضا وأمكنه النهي عنه فعل، وإلا ابتعد أو قام أو أعرض عنه بحسب ما يتيسر له، والمستمع شريك القائل إن أصغى إليه اختيارا، ومن سماع الباطل سماع اغتياب الناس واستنقاصهم والمكر بهم والكيد لهم وتدبير الغش والخيانة لهم ونحو ذلك، كل هذا لا يجوز لمؤمن أن يتعمد الاستماع إليه، وقد قال رسول الله ﷺ:«من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنيه الآنك يوم القيامة، ومن صور صورة عذب، وكلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ»، رواه البخاري عن ابن عباس، وقوله من «تحلم بحلم» أي من ادعى أنه رأى حلما بضم الحاء وسكون اللام وهو الرؤيا، وقوله كلف أن يعقد بين شعيرتين المراد أنه يعذب ولا بد، والكذب في الرؤيا أعظم من الكذب في غيرها لأن الأول كذب على الله فإن الرؤيا جزء من الوحي، والآنك بالمد وضم النون هو الرصاص المذاب، وقال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣)﴾ [المؤمنون: ٣]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: ٧٢]، واللغو من الكلام ما لا يعتد به وهو الذي يورد لا عن روية وفكر، فيجري مجرى اللغا وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور»، انتهى، قاله الراغب، وإذا كان اللغو الذي يمدح المعرض عنه هو ما لا يعتد به، فكيف بما يعتد به لكونه منهيا عنه فيتحمل قائله وسامعه المختار وزره؟، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)﴾ [الإسراء: ٣٦]، نهى الله