استدل بعضهم على هذا بقول النبي ﷺ:«لي الواجد يحل عرضه وعقوبته»، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (٢٤٢٧) عن عمرو بن الشريد، وليس بمتجه لتقييد حل عقوبة المدين بما إذا كان واجدا، أي قادرا على الأداء، واللي هو المطل وهو التأخير من وقت إلى وقت، وحل عرضه معناه شكايته كأن يقول ظلمني، وعقوبته فسرت بسجنه.
وفي كلام المؤلف ما يدل على أن الذي يحبس إنما هو مجهول الحال حتى يثبت عسره بشهادة رجلين عدلين، دل على قوله «ليستبرأ»، أي ليعلم حاله.
أما من علم عسره - وهو المعدم بفتح الدال - فلا يحبس لقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٨٠)﴾ [البقرة: ٢٨٠]، والملي يحبس، فإن أبى الأداء عزر بين الحين والآخر حتى يؤدي ما عليه.
قال النفراوي ﵀ في شرحه على الرسالة عما ينبغي أن يتوفر في الحبس:«إلا أن الذكر يحبس مع الذكور، والأنثى مع النساء، قال خليل: «وحبس النساء عند أمينة خالية وذات أمين، والخنثى المشكل ومثله الشاب الذي يخشى عليه يحبس منفردا، ولا يجوز وضع حديد ونحوه في عنق المحبوس إلا أن يكون معروفا بالعداء»، انتهى، وقال:«لا يجوز لحاكم ولا صاحب حق منع من يسلم على المحبوس ولا من يخدمه إذا اشتد مرضه، وقيل مطلقا، وله منع زوجته من الدخول عليه للجلوس عنده، لا إن أرادت السلام عليه كغيرها فلا تمنع، وعكسه كذلك لو كانت هي المحبوسة، وأما لو كان أحد الزوجين محبوسا لحق صاحبه لجاز له الدخول والإقامة أيضا»، انتهى.