وللركوع عندهم صفتان: صفة إجزاء، وصفة كمال، والثانية هي التي ذكرها المؤلف، وهي تمكين اليدين من الركبتين، بتفريق أصابعهما، وهي التي وردت في المدونة: قال: «ولكن يمكن يديه من ركبته في الركوع، ويمكن جبهته وأنفه من الأرض في السجود»، وصفة الإجزاء هي وضع اليدين قرب الركبتين، أو عليهما دون تمكين، وهي التي قال فيها مالك من رواية ابن القاسم كما في النوادر:«ومن ركع فلم يضع يديه على ركبتيه، رفع شيئا أو نزل شيئا؛ فذلك يجزئه»، انتهى، والظاهر وجوب التمكين لثبوت الأمر به.
أما تسوية الظهر؛ ففيها قول النبي ﷺ:«لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود»، رواه أبو داود (٨٥٥) وابن ماجة (٨٧٠) عن أبي مسعود البدري، ومن الأدلة على تسوية الظهر نصا ما في حديث وابصة بن معبد عند ابن ماجة (٨٧٢)، فإنه قال:«رأيت رسول الله ﷺ يصلي، فكان إذا ركع سوى ظهره، حتى لو صب عليه الماء لاستقر»، وفيه طلحة بن زيد وهو ضعيف، لكنه صححه الألباني ﵀، وفي سنن أبي داود (٨٥٩) من حديث رفاعة بن رافع في حديث المسيء صلاته: «وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك»، وفي حديث أبي حميد في وصف صلاته ﷺ:«ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه، ولا صافح بخده»، وهصر ظهره ثناه في استواء، وقوله:«غير صافح بخده»؛ يعني غير مبرز خده إلى جهة.
أما كيف يكون الرأس حال الركوع؛ ففيه حديث عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ إذا ركع لم يُشخص رأسه، ولم يصوبه، ولكن بين ذلك»، رواه مسلم، وابن ماجة (٨٦٩)، وإشخاص الرأس رفعه، وتصويبه خفضه، ومثل ذلك ما في حديث أبي حميد الساعدي الذي وصف فيه صلاة النبي ﷺ في عشرة من أصحابه، وهو في سنن أبي داود (٧٣٠) قال: «ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه، ثم يعتدل فلا يصب رأسه، ولا يقنع،،،»، يقال أقنع رأسه إذا رفعه، قال تعالى:«مهطعين مقنعي رؤوسهم»، وصبه إذا خفضه، لأن المصبوب شأنه النزول إلى أسفل.
وفي العتبية قال أشهب عن مالك لا يتطأطأ المصلي في الركوع، ولا يرفع رأسه فيه، وأحسنه اعتدال الظهر، وهو في النوادر جامع العمل في الصلاة.