٠٣ - «والسبيل الطريق السابلة، والزاد المبلغ إلى مكة، والقوة على الوصول إلى مكة، إما راكبا، أو راجلا، مع صحة البدن».
السبيل التي يجب الحج على مستطيعها تختلف باختلاف الأشخاص والزمان والقرب والبعد، ومع اختلاف ذلك فقد يحتاج المرء إلى الركوب، وقد لا يحتاج، وكل واحد أعرف بنفسه، وقد ذكر المؤلف ما رآه أهل المذهب في تفسير السبيل المشترط استطاعتها في وجوب الحج، وهو أربعة أشياء، وعدها بعضهم ثلاثة:
أولها: الطريق السابلة، وهي السالكة التي يمكن السير فيها من غير خوف على النفس، ولا على المال الكثير الذي يجحف به.
والثاني: الزاد الذي يبلغه إلى مكة، من غير اعتبار الرجوع كما هو ظاهر كلامه، وقيد بعضهم عدم اعتبار الرجوع في الزاد بما إذا لم يخش الضياع، والصواب: اعتباره في الذهاب والإياب كما رجحه القرطبي في تفسيره، ويقوم مقام الزاد الحرفة التي يتمعش منها مما لا يزري به ولا يخاف كساده، قالوا: ويبيع في زاده وما يوصله إلى مكة داره وغير ذلك مما يباع على المفلس.
قلت: لو قيل بهذا فيما زاد عن حاجته كما إذا كان المسكن ضخما فخما، وكان في الأثاث ما لا حاجة له إليه؛ لكان حقا، ومما قالوه إنه يجب عليه الحج ولو أدى إلى أن يترك زوجته وأولاده من غير مال إلا أن يخشى عليهم الضياع فلا يلزمه، ولينظر في هذا مع قول رسول الله ﷺ:«كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت»، رواه أبو داود (١٦٩٢) وغيره عن عبد الله بن عمرو، وفي الصحيح عنه مرفوعا:«كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته»، يقال قات أهله يقوتهم إذا وفر لهم ما تقوم به أبدانهم من الطعام.
والثالث القدرة على الوصول إلى مكة راكبا أو ماشيا متى كان قادرا على المشي،