والصواب: ترك الصلاة في الحمام من غير نظر إلى شيء من ذلك، لكن الذي يظهر أن المراد بالحمام البيت الذي يستحم فيه بخاصة لا عموم البناء المسمى بذلك كما ذهب إليه بعض أهل العلم.
والمقبرة كما ترى لم تقيد بكونها للمشركين، لا في حديث أبي سعيد، ولا في حديث المواضع السبعة المتقدم، وقد قيدها المؤلف بذلك، لما في الواضحة قال:«وتأويل ما ذكر من المقبرة أنها مقبرة المشركين، لأنها حفرة من حفر النار، أما مقبرة المسلمين فلا، عامرة كانت أو داثرة.
قال مالك: «وكان الصحابة يصلون فيها.
قال غيره: وقد صلى النبي ﷺ على قبر السوداء»، فهذا هو وجه تقييد المؤلف للمقبرة بكونها للمشركين.
وقد رأيت أن علة النهي عن الصلاة في مقبرة المسلمين حسية في مشهور المذهب، وهي نجاسة الدماء وصديد الموتى، فإذا تؤكد من طهارة البقعة عندهم جازت الصلاة، وقيل تكره مطلقا، ووجهه إما للشك في الطهارة، أو لأن العلة غير حسية وهو الحق، وهو رواية أبي مصعب عن مالك، وهو قول اللخمي كما في حاشية الشيخ علي الصعيدي العدوي، مع العلم أن الإمام إذا نقلت عنه الكراهة؛ فلا يلزم أنه يريد بها التنزيهية، لأنها اصطلاح حادث، وسأتعرض لهذا المعنى في حكم البناء على القبر.
قال الشيخ الصعيدي مبيّنا وجه رواية أبي مصعب وقول اللخمي:«ووجهه الالتفات إلى عموم النهي، ولأن أصل عبادة الأوثان؛ اتخاذ قبور الصالحين مساجد، ووجه المعتمد الذي هو القول بالجواز؛ الأمن من ذلك على هذه الأمة، كما ذكره الفاكهاني،،،».
قلت: أين الأمن من ذلك على هذه الأمة، والواقع شاهد بخلاف ما قالوه؟، فينبغي لهم أن يقولوا بالمنع إذا كان المعتمد هو الواقع، على أن هذا ليس مما يراعى الواقع في حكمه.
أما مقبرة المشركين ففيها عندهم علة أخرى كما رأيت، وهي علة معنوية، والحق أن العلة ليست حسية في مقبرة المسلمين، ولا مانع أن يكون في مقبرة المشركين أكثر من علة،