٢ - «وصفة الاستنجاء؛ أن يبدأ بعد غسل يده فيغسل مخرج البول، ثم يمسح ما في المخرج من الأذى بمدر أو غيره، أو بيده، ثم يحكها بالأرض ويغسلها، ثم يستنجي بالماء، ويواصل صبه، ويسترخي قليلا، ويجيد عرك ذلك بيده حتى يتنظف، وليس عليه غسل ما بطن من المخرجين».
إزالة النجاسة من على المخرجين يسمى استنجاء، من نجوت الشيء، إذا قطعته، كأن المستنجي يقطع النجاسة من محل النجو بالماء أو بغيره، وهو الاستجمار، أي استعمال الجمار، وهي الحجارة الصغار، ويصح أن يسمى الاستجمار استنجاء، وكل منهما سائغ كاف في التطهير.
وقد روى مالك في الموطإ (٦٣) عن يحي بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يسأل عن الوضوء من الغائط بالماء، فقال سعيد:«إنما ذلك وضوء النساء»، وتؤول قوله بأن مراده أنه لا بد لهن من الماء، وهذا هو اللائق.
وذهب ابن حبيب إلى أن الاستجمار لا يكفي إلا مع افتقاد الماء، وكأنه نظر إلى ما كان عليه الناس في عهد التشريع من عز الماء وقلته، وهذا هو اللائق بعلمه ومكانته، ومشهور المذهب استحباب الجمع بينهما، قالوا لأن الله تعالى مدح من جمع بينهما كما ورد ذلك عن ابن عباس أن النبي ﷺ سأل أهل قباء عن طهورهم، فقالوا:«إنا نتبع الحجارة الماء»(١)، ولم يثبت عن النبي ﷺ الجمع بينهما لا من قوله، ولا من فعله، والخير فيما شرع، وما شرعه طيب حسا ومعنى.
وذكر المؤلف صفة التطهر بهما معا، وهو أبلغ في النظافة وليس بلازم، بل قال بعضهم إنه بدعة، والظاهر أنه إن جمع بينهما المكلف معتبرا أن أحدهما لا يكفي مع علمه
(١) رواه البزار، لكن سنده ضعيف كما في (بلوغ المرام/ ١١٣)، وصححه في الإمام.