على الوجه غير المشروع، وعن ابن عباس مرفوعا:«ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه»، رواه الدار قطني، ورجح الحافظ وقفه.
ومما اعتمد عليه في القول بلزوم الصوم؛ ما رواه مالك في الموطأ (٦٩٥) قال: «بلغه أن القاسم بن محمد ونافعا مولى عبد الله بن عمر قالا: «لا اعتكاف إلا بصيام، لقول الله ﵎: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، فإنما ذكر الله الاعتكاف مع الصيام، وعلى ذلك الأمر عندنا أنه لا اعتكاف إلا بصيام»، انتهى، واحتج ابن العربي في العارضة على لزوم الصوم بقول النبي ﷺ لعمر:«اعتكف وصم»، ولو صح؛ لاتجه القول بوجوبه، بيد أنه صرح في كتابه المسالك في شرح موطإ مالك مع بعض التصرف (٤/ ٢٥٤) بقوله: «ليس لأحد من علمائنا على وجوب الصوم في الاعتكاف دليل به احتفال، وأكثر ما عول عليه مالك فيه؛ قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾، فخاطب بذلك الصائمين، وهذا لا حجة فيه، لأنه خطاب خرج عن حال، فلا يلزم أن يكون شرطا في جميع الأحوال»، انتهى.
تأمل كيف أن الشرع اختار للاعتكاف خير البقاع لزوما، وخير الشهور وهو رمضان اختيارا، وخير الحالات وهو الصيام استحبابا، فيتعاضد الحال والزمان والمكان على سمو نفس الإنسان، ونزوعه نحو الكمال، فلا خلاف في أفضلية الاعتكاف مع الصيام، وقد رأيت كيف أن الله تعالى ذكره في أعقابه مرتبطا به، ويذكره الفقهاء متصلا به في تصانيفهم اقتداء بكتاب ربهم، وبسنة نبيهم الذي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان.