٨٧ - «ولا بأس بالشركة بالأبدان إذا عملا في موضع واحد عملا واحدا أو متقاربا».
الشركة بكسر الشين وسكون الراء وقيل وبفتحها وكسر الراء كما هو الشائع، هي الاختلاط والامتزاج، وهي أقسام ثلاثة: أولها: شركة أملاك كاشتراك الورثة في التركة، واشتراك الموهوب لهم في الهبة، والمجاهدين في الغنيمة، فهذه نشأت عن انتقال الملك من غير إرادة الشركاء، وعرفت بأنها «ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع»، انتهى، والثاني: شركة لم تنشأ عن انتقال ملك ولا تقبل القسمة وهي اشتراك الناس في الماء والكلإ والنار، إذ جعلها الشرع للناس كافة، وسيأتي الكلام عليها، والثالث: شركة تعاقد، وهي المقصودة هنا، وقد قال خليل في تعريفها:«الشركة إذن في التصرف لهما مع أنفسهما»، انتهى، فهي إذنُ كل واحد من الشخصين أو الأشخاص للآخر أن يتصرف معه فيما هو له، فالإذن في التصرف يشمل الوكالة والقراض، وقوله لهما يخرج الوكالة من الجانبين، وقوله مع أنفسهما يخرج القراض، لأن التصرف فيه للعامل وحده دون رب المال، وهي مباحة بإجماع الناس على ذلك في الجملة، ومن حكمة اشتراعها ما فيها من التعاون واجتماع القدرات المختلفة على العمل، إذ قد يكون للمرء مال فيعجز عن تنميته بنفسه، أو يكون له قدرة على العمل ولا مال له، أو يجتمع فيه الأمران، لكن ماله لا يفي بما يريده من العمل والنشاط، فيضم مال غيره إليه وعمله، قال في بدائع الصنائع (٧/ ٥١٢): «ولأن هذه العقود شرعت لمصالح العباد، وحاجتهم إلى استنماء المال متحققة»، انتهى، والمشهور أنها لازمة بالعقد كسائر العقود والمعاوضات، وقيل لا تلزم إلا بالخلط، وقيل إن الذي يلزم بالخلط هو الضمان، فيجتمع القولان، لكن اللزوم لا يظهر إلا في شركة الأموال، وسيأتي بيانها.