للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصل له في سورة المؤمنون، ولعل هذا هو وجه الرواية عن الإمام التي فيها كراهة قراءة السورة الواحدة في ركعتين، وحمل مالك ما روي من إقرار النبي بلالا على قراءة سياقين مختلفين على ما في رواية ابن وهب عنه: إن بلالا كان يقرأ من هذه السورة وهذه السورة، ولا أراه كان يحسن إلا ذلك، ثم قال: والذي يقرأ هكذا، وهو مستقيم في دينه أحب إلي من الآخر»، والمذهب أيضا كراهة الاقتصار على بعض الآية إلا إذا كان لها بال، وأخذ ابن العربي من فعل النبي في القراءة في الصلوات كراهة التزام سورة معينة في صلاة، وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٤٤١) يذكر عذر عثمان بن عفان في ترداد سورة يوسف في أكثر الأيام مع حفظه القرآن: «وأما ترداد عثمان لها، وتكريره القراءة بها في أكثر أيامه فإنه ربما خف على لسان الإنسان الحافظ للقرآن قراءة بعض سور القرآن دون بعض، فمال إلى ما خف عليه، فكان ذلك أكثر قراءته، وربما أعجبه من سور القرآن ما فيه قصص الأنبياء فقرأها على الاعتبار بها والتذكار لها.

أما القراءة من أواسط السور وخواتيمها فيمكن الاستدلال لها بإقراره بلالا عليه، كما رواه أبو داود (١٣٣٠) عن أبي هريرة من قوله لبلال: «وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة»، قال: كلام طيب يجمع الله تعالى بعضه على بعض»، فقال النبي : «كلكم أصاب»، والحديث وارد في خروجه ليلا ووجوده كلا من أبي بكر وعمر وبلالا يصلون وسيأتي ذكره إن شاء الله في الإسرار والجهر في قراءة النوافل، ومحل الاستدلال منه أنه لم يذكر فيه إلا كونه من هذه السورة وهذه السورة، لكنه في النافلة، وقد احتج المحدث الألباني في كتابه (تمام المنة ص ١٨١) للقراءة بالخواتيم في الصلاة بقراءة النبي في سنة الفجر بآية من سورة البقرة، وأخرى من سورة آل عمران، واستدرك ذلك على الشيخ سابق، وعلى ابن القيم رحم الله جميعهم، والآيتان ليستا من الخواتيم كما ترى، بل من أواسط السورتين المذكورتين، وهو سبق قلم من المؤلف ليس غير، والوهم في الفهرس أيضا، وهذا نصه: «قراءته في سنة الفجر من آخر سورة البقرة»!!.

والمذهب على أن الصبح يطول فيها القراءة استحبابا، وكذلك الظهر، ويتوسط في

<<  <  ج: ص:  >  >>