يعني أن العمل كله يجب أن يكون على المُسَاقَى بفتح القاف الذي هو العامل، قال ابن حزم في المحلى (٨/ ٢١٧): «في اشتراط النبي ﷺ على أهل خيبر أن يعملوها بأموالهم بيان أن البذر والنفقة كلها على العامل، ولا يجوز أن يشترط شيء من ذلك على صاحب الأرض،،،»، انتهى، ودليل ذلك ما في حديث ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم، ولرسول الله ﷺ شطر ثمرها»، رواه مسلم، وهكذا صنع الأنصار مع المهاجرين يعطونهم أنصاف ثمارهم في كل عام على أن يكفوهم المؤونة والعمل»، وهو في الصحيحين عن أنس، وعن أبي هريرة قال: قالت الأنصار للنبي ﷺ: «اقسم بيننا وبين إخواننا النخل»، قال: لا، فقالوا:«تكفونا العمل ونشرككم في الثمرة»، فقالوا:«سمعنا وأطعنا»، رواه البخاري، قلت في الاستدلال بهذا على كون العمل كله على المُسَاقَى نظر، وما فعله النبي ﷺ مع يهود خيبر وإن كان يفيد أنه شرط عليهم ذلك، بيد أنه لا يفيد أن ذلك شرط لازم في كل مساقاة، ولو كان كل ما تضمنه عقده مع يهود خيبر لازما لكان ينبغي لزوم أن لا تعطى الأرض إلا بالنصف كما فعل، وكلام ابن حزم في الجواب عن هذا ليس بالمقنع، وليت شعري ما الفرق بين أن يخالف ما تضمنته معاملة النبي ﷺ لمن ساقاهم في مقدار ما يعطى لهم، وبين مخالفتها فيما على العامل أن يقوم به، لا سيما مع اختلاف لوازم خدمة الأرض والشجر وكثرة مئونة ذلك وقلته باختلاف الأوقات والمواقع، ولو أعطي العامل ربع الناتج وجعلت بعض المؤونة على رب الأرض فقد لا يختلف ذلك فيما لو أعطي العامل النصف، وجعل عليه العمل كله كما هو الأصل، وقد ألمح مالك ﵀ إلى شيء من هذا وهو يتكلم على المنع من إخراج الرقيق الموجودين حين العقد من الأرض فقال منظرا: «وإنما ذلك بمنزلة المساقاة