وهذا لقول الله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، ففي الأية بيان لبداية الصوم ونهايته، وبه يظهر أنه يصام جزء من الليل إذا لا ينبغي الفطر إلا بعد تيقن الغروب استصحابا للأصل، لكن من كان بحيث يرى الشمس فليس عليه صيام جزء من الليل كما في حديث ابن أبي أوفى الصحيح، وفي المقابل فإنه يجوز أكل جزء من النهار؛ استصحابا للأصل كذلك، أقصد أنه ما لم يتبين فهو على الأصل، ولا حاجة إلى إيجاب إمساك جزء من الليل تحت قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لأنها هنا واقعة في مجابهة المنصوص عليه وهو التبين، ولا حجة في حديث أنس عن زيد بن ثابت عند البخاري قال:«تسحرنا مع النبي ﷺ، ثم قام إلى الصلاة»، قلت:«كم كان بين الأذان والسحور»؟، قال:«قدر خمسين آية»، فإن هذا لم يكن بالأمر الدائم، ولا كان المراد منه تحديد وقت للإمساك، ولعل القائلين بالإمساك عشر دقائق قبل طلوع الفجر؛ اعتمدوا عليه، وترتيب هذا على الناس من البدع، لكن ينبغي التنبيه إلى أن التبين إنما يكون في حق من يتأتى له، أما من كان في منزله وقد أغلق عليه أبوابه، وهو غالب شأن الناس اليوم؛ فينبغي له الاعتماد على المؤذن، فإذا سمعه؛ وجب عليه الإمساك، وهكذا غير المؤذن من الوسائل، أما الحرص على فعل المستحب وهو التأخر في الإمساك، مع القصد إلى مخالفة ما عليه الناس في إمساكهم وإفطارهم؛ فليس مما تقام به السنن، إلا أن يكون الإناء على يد المرء؛ فليتم ما هو بصدده لقول النبي ﷺ:«إذا سمع أحدكم النداء، والإناء على يده، فلا يضعه؛ حتى يقضي حاجته منه»، رواه أبو داود (٢٣٥٠) وغيره عن أبي هريرة، وحمله بعضهم على المؤذن يؤذن قيل الفجر اعتمادا على الحديث الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير للطبراني (٧/ ٣١١) عن يحيى بن عباد، عن جده شيبان أنه غدا إلى المسجد، فجلس إلى