٩ - «ومن دفن ولم يصل عليه وووري؛ فإنه يصلى على قبره، ولا يصلى على من قد صلي عليه».
إذا دفن الميت من غير صلاة خطأ أو عمدا؛ صلي عليه في القبر؛ إن خشي تغيره، فإن لم يخش تغيره؛ أخرج وصلي عليه، وإن لم يظن بقاؤه فلا يصلى عليه، وهذا كله إذا كان قد غسل، فإن لم يغسل لم يصل عليه حتى يخرج إلا أن يخشى تغيره، وذلك لتلازم الغسل والصلاة كما تقدم، وذهب أشهب وسحنون إلى أنه لا يصلى على القبر، وليدع لصاحبه، قال سحنون:«لا أجعله ذريعة إلى الصلاة على الجنائز في القبور»، مراده أن التساهل في هذا الأمر يفسح المجال لدفن الميت ثم الصلاة عليه بعد ذلك في قبره، فتسد الذريعة بمنع الصلاة على القبر، ويحتج لهذا الأمر بحديث أبي هريرة ﵁ أن امرأة سوداء أو رجلا كان يقم المسجد ففقده النبي ﷺ، فسأل عنه، فقيل مات، فقال: ألا آذنتموني به؟، قال: دلوني على قبره، فدلوه، فصلى عليه»، رواه الشيخان، وأبو داود (٣٢٠٣)، وروى مالك (٥٣٣) نحوه مرسلا عن ابن شهاب أن أبا أمامة بن سهل بن حنيف أخبره فذكره، يقم المسجد يكنسه، وهذا الخبر متواتر، ولهذا قال أحمد: ومن يشك في الصلاة على القبر؟ والحديث يدل على الحكم المتقدم بالأولوية، لأن المرأة التي صلى عليها النبي ﷺ في القبر سبق أن صلي عليها، وهو دال على خلاف ما قرره المؤلف من عدم تكرير الصلاة، فإنه إذا كانت الصلاة قد كررت على القبر، فكيف بمن لم يدفن بعد؟.
قال الباجي -رحمه الله تعالى- مبينا وجه عدم تكرير الصلاة:«والدليل على ذلك أن هذا حكم يجب فيه بعد موته، فوجب أن لا يتكرر مع بقاء حكم الأصل كالغسل»، وهذا كما ترى رأي في مقابل فعل النبي ﷺ، والأصل فيه الإئتساء، نعم ذكر الباجي ما اعتبره مانعا من الإئتساء به في هذا الأمر، وهو تعليل الصلاة على من صلى عليه بما لا علم لنا به كما قال،