هذا موافق لقول مالك في الموطإ (٦٩١): «إنه سمع أهل العلم لا يكرهون السواك للصائم في رمضان في ساعة من ساعات النهار،،،»، انتهى، وقد وردت مشروعية الاستياك من أقوال النبي ﷺ وأفعاله من غير قيد بزمان، وقد تقدم بعضها في الطهارة، فهذا وحده كاف في مشروعية الاستياك للصائم استصحابا للأصل، ولأنه ﷺ كان كثير الصوم، يصوم حتى يقولوا لا يفطر، وكان يصوم شعبان كله أو معظمه، فهل يقال إنه كان لا يتسوك كلما كان صائما وصومه كثير؟.
وقد جاءت مشروعية الاستياك في خصوص الصائم فيما رواه أبو داود (٢٣٦٤) والترمذي وقال حسن، وعلقه البخاري في صحيحه بصيغة التمريض عن عامر بن ربيعة قال:«رأيت رسول الله ﷺ ما لا أحصي يتسوك وهو صائم»، لكن فيه عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر، وهو ضعيف، ويوشك أن يكون متنه صحيحا لما ذكرت، وقد رام المصنف بقوله «في جميع النهار»؛ الرد على من رأى عدم مشروعية الاستياك في النصف الثاني من اليوم، لأنه لم يصح ما يؤخذ منه ذلك، وقد استدل قائله بكونه الزمن الذي يظهر فيه خلوف فم الصائم، والخلوف بضم الخاء تغير رائحة الفم لخلو المعدة من الطعام.
وقد رتب عليه من الفضل ما جاء في الموطإ (٦٨٩) والصحيح عن أبي هريرة قال، قال رسول الله ﷺ:«والذي نفسي بيده؛ لخُلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، فالصيام لي وأنا أجزي به، كل حسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فهو لي، وأنا أجزي به»، لكن لا يلزم من هذا أن استبقاء تغير الرائحة مطلوب، بل المراد والله أعلم طمأنة الصائم بأن ذلك حيث وقع ليس بضاره شيئا، لأن صدور تلك الرائحة ليست من اختياره وكسبه حتى يكلف رفعها أو يؤاخذ