للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٠ - «وطلاق الثلاث في كلمة واحدة بدعة، ويلزمه إن وقع».

بعد أن ذكر المؤلف الطلاق المشروع؛ ذكر هنا استعجال الزوج فيه، بحيث يجمع منه أكثر من طلقة في كلمة، أو من غير تخلل رجعة، ومثل ذلك أن يطلق بعض تطليقة، أو يطلق عضوا من المرأة، فهذا من الطلاق المبتدع، والطلاق الذي دل عليه كتاب الله تعالى هو أن يطلق ويراجع، ثم يطلق ويراجع، ثم يطلق، فتحرم عليه بالطلقة الثالثة إلا بعد زوج، هذا هو الذي يدل عليه قول الله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾، فبين الطلاق المشروع الذي يترتب عليه التحريم كما هو واضح، ومن قال إن ذلك مجرد فسحة للناس، فمن ضيق على نفسه منهم لزمه؛ لم يقبل منه من غير دليل، ومن ذلك أن الله تعالى لما ذكر الطلاق قال: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا (٢٢٨)[البقرة: ٢٢٨]، واعتبار الطلاق على غير ما تقدم؛ يلغي أن يكون الزوج أحق بزوجته في العدة، ومثله قوله تعالى: ﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ (٢٣١)[البقرة: ٢٣١]، وقوله جلت قدرته: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ (٢)[الطلاق: ٢]، أي إذا طلقتموهن، وقاربن نهاية عدتهن، وكذلك قوله تعالى: ﴿لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)[الطلاق: ١]، قال البغوي في تفسيره: «يوقع في قلب الزوج مراجعتها بعد الطلقة والطلقتين»، وهذا لا يتأتى مع اعتبار الطلاق الثلاث المجموع محرما، ولعل هذا المعنى المأخوذ من كلام الله في عدة مواضع والمدلول عليه بقوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾، هو المقصود من حديث محمود بن لبيد الذي فيه أن النبي أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات فقام غضبان، فقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم»، رواه النسائي بإسناد صحيح، قاله في الروضة الندية، وقد دل على هذا أيضا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>