٣٤ - «والطاعة لأئمة المسلمين من ولاة أمورهم، وعلمائهم».
توسع المؤلف في الجامع فيما أجمله هنا فقال: «والسمع والطاعة لأئمة المسلمين، وكل من ولي أمر المسلمين عن رضا أو عن غلبة فاشتدت وطأته من بر أو فاجر فلا يخرج عليه جار أو عدل، ويغزى معه العدو، ويحج معه البيت، ودفع الصدقات إليهم مجزية إذا طلبوها ونصلي خلفهم الجمعة والعيدان (كذا)، قال غير واحد من العلماء وقاله مالك:«لا يصلى خلف المبتدع منهم إلا أن يخافه فيصلي، واختلف في الإعادة»، انتهى، ويلاحظ أنه لم يذكر هنا العلماء.
ومعنى قوله في الرسالة أن من الواجب طاعة ولاة أمور المسلمين وعلمائهم، إذ إن هؤلاء هم الذين يؤتم بهم، ويتبعون كل في مجاله، أما العلماء فإن الناس مطالبون بسؤالهم كما قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)﴾ [النحل: ٤٣]، وقال النبي ﷺ:«ألا سألوا إذ لم يعلموا؟، فإنما شفاء العي السؤال»(١)، كما أن العالم مطالب إذا سئل أن لا يكتم، بل هو مطالب بعدم الكتمان متى قامت الحاجة إلى ما عنده ولو لم يسأل، وقد تقدم شيء من هذا.
وأما الأمراء فإن العقد الذي على أساسه يبايع المسلم غيره ليسوسه هو التزام ما في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ولا يكون الأمر كذلك إلا إذا كان عالما بهما، وحصول الحاكم على الشرعية متوقف على أمور منها: كونه في نفسه أهلا لأن يتولى الحكم ذاتا وصفة،
(١) وهو في سنن أبي داود (٣٣٢) من حديث جابر ﵁، وفيه قصة.