١٠٦ - «ومن عَمل عمل قوم لوط بذكر بالغ أطاعه رجما أَحْصَنَا أو لم يُحْصِنَا».
عمل قوم لوط هو إتيان الذكور في أدبارهم، وإنما نسبت هذه الفاحشة إليهم لأنها لم تعرف فيمن سبقهم، فكان أن أرسل الله تعالى إليهم لوطا ﵇ يدعوهم إلى عبادة الله ويحارب هذه الرذيلة الشنيعة فيهم، قال تعالى: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٢٨)﴾ [العنكبوت: ٢٨]، وقد عاقبهم الله تعالى بعد الإعذار إليهم والإنذار بما ذكره في قوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)﴾ [هود: ٨٢ - ٨٣]، واللواط أقبح من الزنا لأن إتيان الذكور لا يباح بوجه من الوجوه، حتى في النساء اللائي هن زوجات، وقد ذكر الله قول لوط لقومه ووصف الطهر لا يلتقي مع غير محل الحرث: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (٧٨)﴾ [هود: ٧٨].
أما حد هذه الفاحشة فقد جاء منصوصا فيما رواه أصحاب السنن الأربعة عن
ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ قال:«من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به»، ولم يأت عن النبي ﷺ أنه حد في اللواط لأن العرب لم يكونوا يعرفون هذه الفاحشة.
وإنما يُقْتَلُ الفاعل والمفعول إذا كانا بالغين، ويؤدب غير المكلفين، لا فرق بين محصن وغيره، ولا بين حر وغيره، ولو كان المفعول به عبدا للفاعل، لكن بشرط عدم الإكراه في المفعول به، أما إكراه الفاعل ففيه نزاع، ولهذا فقد يقتل الفاعل دون المفعول به، أو المفعول به دون الفاعل، وقول المؤلف «بذكر بالغ»، يفيد أن من فعل ذلك بأنثى فإنه لا