وفي الثاني ذكر مطلق المسح للوجه واليدين، فهو موافق للفظ القرآن، والأول مبين له، كما بينت السنة منتهى القطع في السرقة المدلول عليه بقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨].
وفي سنن الترمذي عن ابن عباس ﵄ أنه سئل عن التيمم فقال: إن الله قال في كتابه حين ذكر الوضوء ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾، وقال في التيمم: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾، وقال: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾، فكانت السنة في القطع الكفين، إنما هو الوجه والكفان»، يعني التيمم»، وقد ترجم البخاري جازما بقوله:«باب التيمم للوجه والكفين».
وقيل ضربتان، والمسح إلى المرفقين، وهذا وارد في أحاديث غير صحيحة، أو صحيحة الإسناد شاذة، أو صحيحة موقوفة، ومنها أثر ابن عمر الذي في الموطإ (١١٩) والمدونة عن نافع أنه أقبل هو وعبد الله بن نافع من الجرف حتى إذا كانا بالمربد نزل عبد الله فتيمم صعيدا طيبا فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلى»، وقول مالك في الموطإ (١٢٠) ضربتان مع المسح إلى المرفقين، ومشهور المذهب وجوب الضربة الأولى والمسح إلى الكوعين، واستحباب الثانية والمسح إلى المرفقين،، والقول باستحباب المسح الذي هو المشهور يجمع بين قولي المقتصرين على الكوعين، والموجبين المسح إلى المرفقين، لكنه ليس من باب مراعاة الخلاف كما قد يظن، بل للآثار الواردة في ذلك، ومنها أثر ابن عمر المتقدم، والظاهر رجحان تقديم الوجه في المسح لما في كتاب الله تعالى، وأحسب أن السنة قد وردت بهذا وهذا، فيكون ذلك دليل جواز تقديم مسح اليدين.
وفي النوادر قال أبو الفرج البغدادي:«الواجب عند مالك التيمم إلى الكوعين، ويستحب بلوغ المرفقين، قال: «والذي قال هو ظاهر القرآن، بقوله: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ﴾، فهذا المعقول من اليدين، ولا يلحق بهما ما عداهما إلا بدليل».
وقال غيره: «وقد اختلفت الأحاديث في الكوعين والمرفقين قالوا: ولذلك نرى أن من تيمم للكوعين يعيد في الوقت، ونرى أن من تيمم بضربة واحدة للوجه واليدين لا يعيد لأنه قد جاء الحديث بمثله.