للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما أرادوا بهذا الوصف الاستهزاء به والتعريض بسفهه -حاشاه- أجابهم بقوله: ﴿يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)[هود: ٨٨]، قال القاضي البيضاوي : «ولهذه الأجوبة على هذا النسق شأن، وهي التنبيه على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما يأتيه ويذره أحد حقوق ثلاثة: أهمها وأعلاها حق الله تعالى، وثانيها حق النفس، وثالثها حق الناس،،،»، انتهى.

والبيع مصدر باع يبيع، ويقال ابتاع أيضا، ولما كان البيع نقلا للملك كان لفظه صالحا لأن يراد به إدخال الشيء في الملك وإخراجه منه، فهو من الأضداد، قال تعالى: ﴿وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)[يوسف: ٢٠]، أي باع يوسفَ إخوته بثمن قليل، وقال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٢٠٧)[البقرة: ٢٠٧]، ولذلك يقال للطرفين في عقد البيع البائعان والبيعان، بشد الياء مكسورة، لكن العرف الشائع جار على التفريق بينهما، وقيل إن لغة قريش استعمال باع إذا أخرج، واشترى إذا أدخل، نسبه في مواهب الجليل للزناتي في شرحه للرسالة، قال كاتبه: قد يقبل هذا التفريق إذا كان أحد العوضين نقدا، فيكون باذله مشتريا وآخذه بائعا، لأن النقود لا تراد لذاتها، أما إن كان مقايضة فكل من البيعين مُدخل ومُخرج.

وقد تكلم المؤلف في البيوع على ما شاكلها، أي شابهها، ووجه المشابهة بين البيع والإجارة مثلا أن كلا منهما عقد على شيء يقابله عوض، لكن العوض في البيع عين، وفي الإجارة منفعة، والذي شابه البيوع هنا عشرة أشياء تعرض لها المؤلف وهي الإجارة والجعل والكراء والشركة والقراض والساقاة والمزارعة والعارية والجوائح وتضمين الصناع.

ويحسن أن يقدم بين يدي كلام المؤلف بعض ما يفتقر إلى معرفته في هذا الباب من تعريف البيع، وبيان أقسامه، وذكر حكمه، وسرد أركانه، فإن المؤلف لم يتعرض لشيء من ذلك، وقد جريت على التوسع في بيان أقسام البيع وذكر أركانه للحاجة إليه.

فأما تعريفه فقد قيل إنه لا حاجة إليه، فإن كل الناس حتى الأطفال يعرفونه، ونصره

<<  <  ج: ص:  >  >>