أبي ذر، فإن الأمراء كانوا هم الأئمة في الصلاة، وإنما يصلون في المساجد، والله أعلم.
وفي المذهب استثناء المغرب مما تستحب إعادته لتحصيل فضل الجماعة، كما في الموطإ (٢٩٧) قال: «ولا أرى بأسا أن يصلي مع الإمام من كان قد صلى في بيته، إلا صلاة المغرب فإنه إن أعادها كانت شفعا»، ووجه ابن العربي (العارضة ٢/ ٢٠) هذا القول من مالك بأنه الذي وجد عليه العمل في المدينة، وقد يقال في تعليل المنع من إعادة المغرب في جماعة أن النافلة لا تكون وترا في غير الوتر، لكنه قياس في مقابل عموم الأمر بالإعادة، ولعل المستند هو كون المغرب وتر النهار، وهو مرفوع، ولا حجّة فيه بالنظر إلى سياقه، وقال بعض العلماء يعيد المغرب، ويضيف إليها ركعة ليشفعها.
ويظهر أن القائلين بإعادة المنفرد في جماعة بعد العصر والصبح لم يأخذوا بأحاديث النهي عن النافلة بعدهما في خصوص هذه الإعادة، وفي الموطإ (٢٩٧) عن ابن عمر: «من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعد لهما».
والمذهب أن العشاء إذا أوتر بعدها كذلك لا تعاد، وهذا يمكن أن يعتمد فيه على قول النبي ﷺ:«اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا»، فلما كانت هذه نافلة كان في إعادتها مخالفة لذلك الأمر، لكن قد يقال إن من صلى العشاء وحده وأوتر بعدها مأمور بإعادة الصلاة، لا مجرد راغب في النافلة بعد الإيتار، فافترقا من حيث وجود السبب، فتلتحق الإعادة بذوات الأسباب، ثم إنهم يقولون إن من أوتر ثم بدا له أن يصلي صلى، فضلا عما قالوه إن معيد الصلاة يعيد مفوضا.
وممن استثنوه من الإعادة الإمام الراتب إذا صلى وحده فإنه له فضل الجماعة، فلا يعيد، وسيأتي كلام المؤلف فيه، وهكذا من صلى منفردا في المسجد الحرام، أو مسجد رسول الله ﷺ، والمسجد الأقصى، فإنه لا يعيد، لما هو معلوم من مضاعفة الصلاة فيها بمائة ألف، وألف، وخمسمائة، كما صح بذلك الخبر، أما إن صلى في جماعة في غيرها، ثم أتاها؛ فإنه يعيد فيها في جماعة، وكذلك إذا صلى منفردا خارجها؛ فإنه يعيد فيها منفردا، وهذه كما ترى مجرد أقيسة ليس هذا مجالها، ولأن ما يعطيه الله عبده لا يخضع للأقيسة والتقديرات، والظاهر أن من صلى فيها منفردا فإنه يعيد في جماعة، ولو خارجها، وليس في