٧٧ - «والمملكة والمخيرة لهما أن يقضيا ما دامتا في المجلس».
أصل هذه المسألة قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨)﴾ [الأحزاب: ٢٨]، وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت:«خيرنا رسول الله ﷺ، فاخترنا الله ورسوله، فلم يعد ذلك علينا شيئا»، رواه البخاري (٥٢٦٢)، ومن الأدلة تخيير بريرة، فاختارت الفراق وهو في الصحيح، والتمليك كما في شرح أبي الحسن على الرسالة:«هو جعل الزوج إنشاء الطلاق حقا لزوجته أو لغيرها راجحا في الثلاث، يخص بما دون الثلاث بالنية، وليس له العزل»، ومثاله أن يقول لها: ملكتك نفسك أو أمرك، أو طلاقك بيدك، أو أنت طالق إن شئت، هكذا ضبطه بعضهم، أما التخيير؛ فهو جعل إنشاء الطلاق ثلاثا حكما أو نصا عليها؛ حقا للزوجة، ولغيرها، كأن يقول لها: «اختاريني، أو اختاري نفسك، أو يقول: اختاريني أو اختاري طلقة، أو طلقتين، ومشهور المذهب هو التفريق بين التمليك والتخيير على النحو الذي تقدم، وأكثر الفقهاء على عدم الفرق بينهما، وهو قول جماعة من المدنيين، ومنهم عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، ونسبه ابن شعبان للكثير من الأصحاب، فمن ملك امرأته أو خيرها حسب ما تقدم؛ كان ذلك لها ما دامت في المجلس، وجعل بعضهم مشي المرأة واشتغالها بحديث غير التمليك، أو عمل غير التمليك؛ مسقطا لحقها، واحتجوا لذلك بقول الله تعالى: ﴿فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ (١٤٠)﴾ [النساء: ١٤٠].
والرواية الثانية عن الإمام أن لها الخيار ولو انتهى المجلس، ما لم يعلم أنها تركته، قالوا ويعلم ذلك بأن تمكنه من نفسها بقربان أو مباشرة، وهي الرواية التي قواها القرطبي، واحتج لها بقول النبي ﷺ لعائشة:«إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك»، وهذا حق.